الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
111 - وحدثنا عمر بن أيوب السقطي أيضا ، قال : حدثنا [ ص: 432 ] محمد بن الصباح الجرجرائي ، قال : حدثنا كثير بن مروان الفلسطيني ، عن عبد الله بن يزيد الدمشقي ، قال : حدثني أبو الدرداء وأبو أمامة ، وواثلة بن الأسقع ، وأنس بن مالك ، قالوا : خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتمارى في شيء من الدين ، فغضب غضبا شديدا لم يغضب مثله ، ثم انتهرنا فقال : " يا أمة محمد لا تهيجوا على أنفسكم وهج النار ، ثم قال : أبهذا أمرتم ؟ أو ليس عن هذا نهيتم ؟ أو ليس إنما هلك من كان قبلكم [ ص: 433 ] بهذا ؟ ثم قال : ذروا المراء لقلة خيره ، ذروا المراء فإن نفعه قليل ، ويهيج العداوة بين الإخوان ، ذروا المراء فإن المراء لا تؤمن فتنته ، ذروا المراء فإن المراء يورث الشك ، ويحبط العمل ، ذروا المراء فإن المؤمن لا يماري ، ذروا المراء فإن المماري قد تمت حسراته ، ذروا المراء فكفى بك إثما لا تزال مماريا ، ذروا المراء فإن المماري لا أشفع له يوم القيامة ، ذروا المراء فأنا زعيم بثلاثة أبيات في الجنة ؛ في وسطها ورباضها وأعلاها لمن ترك المراء وهو صادق ، ذروا المراء فإن أول ما نهاني ربي - تعالى - عنه بعد عبادة الأوثان وشرب الخمر : المراء ، ذروا المراء فإن الشيطان قد أيس أن يعبد ، ولكنه قد رضي منك بالتحريش ؛ وهو المراء في الدين ، ذروا المراء فإن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة ، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وإن أمتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة ؛ كلها على الضلالة إلا السواد الأعظم . قالوا : يا رسول الله ! ما السواد الأعظم ؟ قال : من كان على ما أنا عليه وأصحابي ، من لم يمار في دين الله تعالى ، ولم يكفر أحدا من أهل التوحيد بذنب . . " وذكر الحديث .

قال محمد بن الحسين :

[ ص: 434 ] لما سمع هذا أهل العلم ؛ من التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين لم يماروا في الدين ، ولم يجادلوا ، وحذروا المسلمين المراء والجدال ، وأمروهم بالأخذ بالسنن ، وبما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم ، وهذا طريق أهل الحق ممن وفقه الله تعالى .

وسنذكر عنهم ما دل على ما قلنا ، إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية