الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالنوافل والذكر.

                                                                            1248 - أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا محمد بن عثمان، نا خالد بن مخلد، نا سليمان بن بلال، حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تبارك وتعالى، قال: من عادى لي وليا، فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحببته، فكنت سمعه الذي يسمع، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت، وأنا أكره مساءته ". [ ص: 20 ] .

                                                                            هذا حديث صحيح.

                                                                            قوله: "كنت سمعه الذي يسمع" سئل أبو عثمان الحيري عن معنى هذا الخبر، فقال: كنت أسرع إلى قضاء حوائجه من سمعه في الاستماع، وبصره في النظر، ويده في اللمس، ورجله في المشي.

                                                                            وقال أبو سليمان الخطابي : هذه أمثال ضربها، والمعنى، والله أعلم، توفيقه في الأعمال التي يباشرها بهذه الأعضاء، يعني: ييسر عليه فيها سبيل ما يحبه، ويعصمه عن مواقعة ما يكره: من إصغاء إلى اللغو بسمعه، ونظر إلى ما نهي عنه ببصره، وبطش ما لا يحل بيده، وسعي في الباطل، وقد يكون معناه: سرعة إجابة الدعاء، والإنجاح في الطلبة، وذلك أن مساعي الإنسان إنما تكون بهذه الجوارح الأربع.

                                                                            وقوله: "ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن" فإنه أيضا مثل، فإن التردد على الله تعالى على ما هو صفة المخلوقين غير جائز، والبداء عليه في الأمور غير سائغ، وتأويله على وجهين، أحدهما: أن العبد قد يشرف في أيام عمره على المهالك مرات ذات عدد: من آفة تنزل به، أو داء يصيبه، فيدعو الله، فيشفيه منها، فهو المراد من التردد، إلى أن يبلغ الكتاب أجله، وهذا على معنى [ ص: 21 ] ما روي "أن الدعاء يرد البلاء".

                                                                            والوجه الأخر: أن يكون المراد منه ترديد الرسل، معناه: ما رددت رسلي في شيء أنا فاعله ترديدي إياهم في نفس المؤمن، كما روي من قصة موسى، وإرسال ملك الموت إليه، ولطمه عينه، ثم رده إليه مرة بعد أخرى، وحقيقة المعنى في الوجهين عطف الله عز وجل على العبد، ولطفه به، والله أعلم.

                                                                            وقوله: "يكره الموت وأكره مساءته" يريد لما يلقى من عيان الموت، وصعوبته، وكربه، ليس أني أكره له الموت، لأن الموت يؤديه إلى الرحمة والمغفرة.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية