الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب هدية العامل.

                                                                            1568 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، نا أبو العباس الأصم .

                                                                            ح وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، ومحمد بن أحمد العارف ، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع، أنا الشافعي ، أنا سفيان، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير، عن أبي حميد الساعدي، قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأسد، يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم، قال: هذا لكم، وهذا أهدي لي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، فقال: " ما بال العامل نبعثه على بعض أعمالنا، فيقول: هذا لكم، وهذا لي، فهلا جلس في بيت أبيه، [ ص: 497 ] أو بيت أمه، فينظر يهدى إليه أم لا؟، والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة، يحمله على رقبته، إن كان بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر "، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه، ثم قال: "اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت".

                                                                            هذا حديث صحيح، أخرجه محمد، عن عبد الله بن محمد، عن سفيان.

                                                                            قوله: "بعير له رغاء" الرغاء: صوت البعير، يقال: رغا البعير يرغو، والخوار: صوت البقر، خار البقرة تخور، واليعار: صوت الشاة، يقال: يعرت الشاة تيعر، وفي رواية: "شاة لها ثؤاج" والثؤاج: صوت النعجة، يقال: ثأجت النعجة تثأج ثؤاجا وثأجا. [ ص: 498 ] .

                                                                            قال رحمه الله: وفي الحديث دليل على أن هدايا العمال والولاة والقضاة سحت، لأنه إنما يهدى إلى العامل ليغمض له في بعض ما يجب عليه أداؤه، ويبخس بحق المساكين، ويهدى إلى القاضي ليميل إليه في الحكم، أو لا يؤمن من أن تحمله الهدية عليه.

                                                                            قال الخطابي : وفي قوله: "هلا جلس في بيت أمه أو أبيه، فينظر يهدى إليه أم لا؟" دليل على أن كل أمر يتذرع به إلى محظور فهو محظور، ويدخل في ذلك القرض يجر المنفعة، والدار المرهونة يسكنها المرتهن بلا كراء، والدابة المرهونة يركبها، ويرتفق بها من غير عوض، وكل دخيل في العقود ينظر هل يكون حكمه عند الانفراد كحكمه عند الاقتران. [ ص: 499 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية