الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1554 - أخبرنا ابن عبد القاهر، أنا عبد الغافر بن محمد، أنا محمد بن عيسى الجلودي ، نا إبراهيم بن محمد بن سفيان، نا مسلم بن الحجاج، نا أبو بكر بن أبي شيبة ، نا محمد بن عبيد، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة ، قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله، فقال: "استأذنت ربي في أن أستغفر لها، فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها، فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت".

                                                                            هذا حديث صحيح.

                                                                            ويقال: كان قبر أمه بالأبواء، فمر به عام الحديبية، ويروى أنه زار قبر أمه في ألف مقنع، أي: في ألف فارس مغطى بالسلاح.

                                                                            قال رحمه الله: زيارة القبور مأذون فيها للرجال، وعليه عامة أهل العلم، أما النساء، فقد روي عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ ص: 464 ] "لعن زوارات القبور".

                                                                            وعن ابن عباس ، قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج".

                                                                            فرأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخص في زيارة القبور، فلما رخص عمت الرخصة الرجال والنساء، ومنهم من كرهها للنساء، لقلة صبرهن، وكثرة جزعهن.

                                                                            أما اتباع الجنازة، فلا رخصة لهن فيه، قالت أم عطية: "نهينا عن اتباع الجنازة، ولم يعزم علينا". [ ص: 465 ] .

                                                                            ويروى عن علي، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في جنازة، فرأى نسوة، قال: "ارجعن موزورات غير مأجورات".

                                                                            وروي عن عبد الله بن أبي مليكة، قال: توفي عبد الرحمن بن أبي بكر بالحبشي، فحمل إلى مكة فدفن، فلما قدمت عائشة أتت قبر عبد الرحمن، فقالت:


                                                                            وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا [ ص: 466 ]     فلما تفرقنا كأني ومالكا
                                                                            لطول اجتماع لم نبت ليلة معا



                                                                            ثم قالت: لو حضرتك ما دفنت إلا حيث مت، ولو شهدتك ما زرتك.

                                                                            ويكره نقل الميت من بلد إلى آخر، وأن ينقل عن مكانه بعد ما دفن لغير حاجة، قال جابر: لما كان يوم أحد حمل القتلى ليدفنوا بالبقيع، فنادى مناد، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم، فرددناهم. [ ص: 467 ] .

                                                                            وقال جابر: لما حضر أحد دعاني أبي من الليل، فقال: ما أراني إلا مقتولا، فكان أول قتيل، ودفنت معه آخر في قبر، ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع آخر، فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته هنية غير أذنه.

                                                                            وروي أن سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ماتا بالعقيق، فحملا إلى المدينة، ودفنا بها، وحمل أسامة بن زيد من الجرف، والاختيار هو الأول. [ ص: 468 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية