الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب المشي مع الجنازة.

                                                                            1488 - أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن محمد بن بامويه الأصبهاني ، أنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن الأعرابي، نا سعدان بن نصر المخرمي، نا سفيان بن عيينة، عن الزهري ، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه.

                                                                            ح وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أنا حاجب بن أحمد الطوسي، نا عبد الرحيم بن منيب، نا سفيان، عن الزهري ، عن سالم، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر "يمشون أمام الجنازة". [ ص: 333 ] .

                                                                            قال أبو عيسى : هكذا روى ابن جريج ، وزياد بن سعد، وغير واحد، عن الزهري ، نحو حديث ابن عيينة.

                                                                            وروى معمر ، ويونس بن يزيد، ومالك، وغيرهم من الحفاظ، عن الزهري : "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي أمام الجنازة"، قال الزهري : وأخبرني سالم أن أباه كان يمشي أمام الجنازة.

                                                                            فأهل الحديث، كأنهم يرون أن الحديث المرسل في ذلك أصح، وكذلك قال ابن المبارك، ومحمد بن إسماعيل: إن المرسل أصح.

                                                                            واختلف أهل العلم فيه، فذهب أكثرهم إلى أن المشي أمامها أفضل يروى ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وابن عمر، أنهم كانوا يفعلونه، وعن عروة مثله، وإليه ذهب الشافعي ، وأحمد، وقال الزهري : المشي وراء الجنازة من خطإ السنة.

                                                                            وقال أنس: أنتم مشيعون، فامشوا بين يديها وخلفها، وعن يمينها، وعن شمالها.

                                                                            وقال غيره: قريبا منها.

                                                                            وذهب قوم إلى أن المشي خلفها أفضل، روي عن علي، وأبي [ ص: 334 ] هريرة أنهما كانا يمشيان خلف الجنازة، وهو قول الأوزاعي ، والثوري، وإسحاق، وأصحاب الرأي، يحتجون بما روي عن أبي ماجد، عن عبد الله بن مسعود، قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المشي مع الجنازة، قال: "ما دون الخبب، فإن يكن خيرا يعجل إليه، وإن يك شرا فبعدا لأهل النار".

                                                                            وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الجنازة متبوعة ولا تتبع، ليس منها من تقدمها".

                                                                            وأبو ماجد مجهول، كان محمد بن إسماعيل يضعف حديث أبي ماجد.

                                                                            فأما الراكب، فكلهم قالوا: يمشي خلفها.

                                                                            روي عن المغيرة بن شعبة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "الراكب يمشي خلف الجنازة، والماشي حيث شاء منها، خلفها، وأمامها، وعن يمينها، وعن يسارها قريبا منها". [ ص: 335 ] .

                                                                            وكرهوا الركوب في الجنازة من غير عذر، روي عن ثوبان، قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة، فرأى ناسا ركبانا، فقال: "ألا تستحيون؟! إن ملائكة الله على أقدامهم، وأنتم على ظهور الدواب".

                                                                            ويروى هذا عن ثوبان موقوفا عليه. [ ص: 336 ] .

                                                                            أما الرجوع عنها، فلا بأس فيه بالركوب، روي عن جابر بن سمرة، قال: "صلى النبي صلى الله عليه وسلم على ابن الدحداح، ونحن شهود، ثم أتي بفرس عري، فعقل حتى ركبه، فجعل يتوقص، ونحن نسعى حوله".

                                                                            قوله: يتوقص، أي ينزو به، ويقارب الخطو.

                                                                            وحمل الجنازة من الجوانب الأربع، فيبدأ بياسرة السرير المقدمة، فيضعها على عاتقه الأيمن، ثم بياسرة المؤخرة، ثم بيامنة المقدمة، فيضعها على عاتقه الأيسر، ثم بيامنة المؤخرة.

                                                                            قال عبد الله بن مسعود: إذا اتبع أحدكم الجنازة، فليأخذ بجوانب السرير الأربعة، ثم ليتطوع بعد أو ليذر، فإنه من السنة. [ ص: 337 ] .

                                                                            قال الشافعي رضي الله عنه: فإن كثر الناس، أحببت أن يكون أكثر حمله بين العمودين، ومن أين حمل فحسن.

                                                                            وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين".

                                                                            وعن عثمان، أنه حمل بين عمودي سرير أمه، فلم يفارقه حتى وضع.

                                                                            وعن سعد بن أبي وقاص، أنه حمل سرير عبد الرحمن بن عوف بين العمودين على كاهله.

                                                                            وعن أبي هريرة ، أنه حمل بين عمودي سرير سعد بن أبي وقاص. [ ص: 338 ] .

                                                                            وعن ابن الزبير، أنه حمل بين عمودي سرير المسور.

                                                                            وعن يوسف بن ماهك، أنه رأى ابن عمر في جنازة رافع بن خديج، قائما بين قائمتي السرير [ ص: 339 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية