الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          [ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                          ( من اسمه نفيع ونقادة ونقيب )

                                                                          6465 - (ع ) : نفيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج بن أبي سلمة ، واسمه عبد العزى ، ويقال : ابن عبد العزى بن غيرة بن عوف بن قسي ، وهو ثقيف أبو بكرة ، الثقفي ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقيل : اسمه مسروح ، وقيل : نفيع بن مسروح ، وقيل : كان أبوه عبدا للحارث بن كلدة الثقفي ، فاستلحقه الحارث ، وهو أخو زياد لأمه ، وكانت أمهما سمية أمة للحارث بن كلدة ، وإنما قيل له أبو بكرة ; لأنه تدلى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ببكرة من حصن الطائف ، فكني أبا بكرة ، وأعتقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ ، وكان نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ أن من نزل إليه من عبيد أهل الطائف ، فهو حر .

                                                                          [ ص: 6 ]

                                                                          روى عن : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( ع ) .

                                                                          روى عنه : إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، والأحنف بن قيس ( خ م د س ) ، وأشعث بن ثرملة ( س ) ، وبحر بن مرار بن عبد الرحمن بن أبي بكرة ( ق ) ، ولم يدركه ، والحسن البصري ( خ 4 ) ، وحميد بن عبد الرحمن الحميري ( خ م س ) ، وربعي بن حراش ( م س ) ، وابنه رواد بن أبي بكرة ، وزياد بن كسيب العدوي ( ت س ) ، وسعيد بن أبي الحسن البصري ( د ) ، وابنه عبد الرحمن بن أبي بكرة ( ع ) ، وعبد الرحمن بن جوشن الغطفاني ( بخ 4 ) ، وابناه : عبد العزيز بن أبي بكرة ( خت د ت ق ) ، وعبيد الله بن أبي بكرة ، ومحمد بن سيرين ( د س ) ، وابنه مسلم بن أبي بكرة ( م د ت س ) ، وأبو عثمان النهدي ( م د ق ) ، وابنته كيسة بنت أبي بكرة ( د ) .

                                                                          قال أحمد بن عبد الله العجلي : كان من خيار أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                          وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني : كان رجلا صالحا ، ورعا ، آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أبي برزة .

                                                                          وقال يعقوب بن سفيان : أبو بكرة نفيع بن الحارث ، ونفيع ، ونافع ، وزياد هم بنو سمية وهم إخوة .

                                                                          [ ص: 7 ]

                                                                          وروى محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب جلد أبا بكرة ، ونافع بن الحارث ، وشبل بن معبد . قال : فاستتاب نافعا ، وشبل بن معبد فتابا فقبل شهادتهما ، واستتاب أبا بكرة فأبى وأقام ، فلم يقبل شهادته ، وكان أفضل القوم .

                                                                          وقال أبو بكر بن أبي خيثمة : حدثنا هوذة بن خليفة ، قال : حدثنا عوف ، عن أبي عثمان النهدي ، قال : كنت خليلا لأبي بكرة ، فقال لي يوما : أيرى الناس أني إنما عتبت على هؤلاء في الدنيا ، وقد استعملوا عبيد الله - يعني ابنه - على فارس واستعملوا روادا - يعني ابنه - على دار الرزق ، واستعملوا عبد الرحمن - يعني ابنه - على الديوان وبيت المال ، أفليس في هؤلاء دنيا ؟ كلا والله إنما عتبت عليهم لأنهم كفروا صراحية أو صراحا .

                                                                          قال : وحدثنا هوذة بن خليفة ، قال : حدثنا هشام بن حسان ، عن الحسن ، قال : مر بي أنس بن مالك وقد بعثه زياد إلى أبي بكرة يعاتبه ، فانطلقت معه ، فدخلنا على الشيخ وهو مريض ، فأبلغه عنه ، فقال : إنه يقول : ألم أستعمل عبيد الله على فارس ؟ ألم أستعمل روادا على دار الرزق ؟ ألم أستعمل عبد الرحمن على الديوان وبيت المال ؟ فقال أبو بكرة : هل زاد على أن أدخلهم النار ؟ فقال أنس : إني لا أعلمه إلا مجتهدا .

                                                                          فقال الشيخ : أقعدوني إني لا أعلمه إلا مجتهدا ، وأهل حرورا قد اجتهدوا فأصابوا أم أخطأوا ؟ قال أنس : فرجعنا مخصومين .

                                                                          وروي عن أبي هلال الراسبي ، عن قتادة ، قال : سأل عبيد الله بن زياد أبا بكرة : ما أعظم المصيبة ؟ قال : مصيبة الرجل [ ص: 8 ] في دينه ، قال : ليس عن هذا أسألك ، قال : فموت الأب قاصمة الظهر ، وموت الولد صدع في الفؤاد ، وموت الأخ قص الجناح ، وموت المرأة حزن ساعة .

                                                                          وروي عن الحسن بن دينار ، عن الحسن البصري قال : لما حضرت أبا بكرة الوفاة قال : اكتبوا وصيتي ، فكتب الكاتب :

                                                                          هذا ما أوصى به أبو بكرة صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكرة : أكتني عند الموت ، امح هذا ، واكتب هذا ما أوصى به نفيع الحبشي مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يشهد أن الله ربه ، وأن محمدا نبيه ، وأن الإسلام دينه ، وأن الكعبة قبلته ، وأنه يرجو من الله ما يرجوه المعترفون بتوحيده ، المقرون بربوبيته ، الموقنون بوعده ووعيده ، الخائفون لعذابه ، المشفقون من عقابه ، المؤملون لرحمته ; إنه أرحم الراحمين .

                                                                          قال محمد بن سعد ، والواقدي : مات بالبصرة في ولاية زياد .

                                                                          وقال أبو سليمان بن زبر ، عن أبيه ، عن أحمد بن عبيد بن ناصح ، عن المدائني : مات سنة خمسين .

                                                                          وقال البخاري : قال مسدد : مات أبو بكرة والحسن بن علي في سنة واحدة ، قال : وقال غيره : مات أبو بكرة سنة إحدى وخمسين بعد الحسن .

                                                                          وقال المفضل بن غسان الغلابي : مات سنة إحدى [ ص: 9 ] وخمسين ، وأوصى أن يصلي عليه أبو برزة الأسلمي .

                                                                          وقال أبو بكر بن أبي خيثمة : أخبرت يحيى بن معين ، عن المدائني ، قلت له : إنه أخبرنا أن أبا بكرة مات سنة إحدى وخمسين ، أو في سنة اثنتين وخمسين ، وأوصى أن يصلي عليه أبو برزة ، فقال أبو زكريا : يقال .

                                                                          وقال خليفة بن خياط ، وأحمد ابن البرقي : مات سنة اثنتين وخمسين بالبصرة .

                                                                          زاد خليفة : وصلى عليه أبو برزة .

                                                                          وقال غيره : بلغ ثلاثا وستين سنة ، وكان ممن اعتزل يوم الجمل ، ولم يقاتل مع واحد من الفريقين .

                                                                          روى له الجماعة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية