الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكان من الحوادث في هذه السنة [وقعة جرت بالعراق بعد مجيء خالد إلى الشام]

أنه استقام أمر فارس على شهربراز بن أردشير بن شهريار ، فوجه إلى المثنى الذي استخلفه خالد على العراق جندا عظيما عليهم هرمز بن جاذويه في عشرة آلاف ، ومعه فيل ، [ ص: 124 ] وكتب مسالح المثنى إليه بإقبال العدو ، فخرج المثنى من الحيرة نحوه ، وضم إليه المسالح وأقام ببابل ، وأقبل هرمز بن جاذويه ، وكتب إلى المثنى: إني قد بعثت إليك جندا من وخش أهل فارس ، إنما هم رعاة الدجاج والخنازير ، فلست أقاتلكم إلا بهم . فأجابه المثنى: إن الذي يدل عليه الرأي أنكم اضطررتم إلى ذلك ، فالحمد لله الذي رد كيدكم إلى رعاة الدجاج والخنازير . فجزع أهل فارس من كتابه وقالوا:

جرأت علينا عدونا .

فالتقوا ببابل ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، ثم إن ناسا من المسلمين قصدوا الفيل وقتلوه ، فانهزم أهل فارس ، واتبعتهم المسلمون يقتلونهم ، ومات شهربراز حين انهزم هرمز بن جاذويه .

ثم اجتمع أهل فارس على دخت زنان ابنة كسرى ، فلم ينفذ لها أمر فخلعت .

وملك سابور بن شهربراز ، وقام بأمره الفرخزاذ بن البندوان ، فسأله أن يزوجه آزرميدخت بنت كسرى ، ففعل فغضبت من ذلك ، وقالت: يا ابن عم أتزوجني عبدي؟

فقال: استحيي من هذا الكلام [ولا تعيديه] ، فإنه زوجك . فشكت إليه الذي تخاف ، فقال لها: قولي له ، ليقل له فليأتك فأنا أكفيكه .

فلما كانت ليلة العرس [أقبل الفرخزاد حتى دخل] ، فثار به سياوخش ، فقتله ومن معه ، ثم نهد بها إلى سابور فحضرته ثم دخلوا عليه فقتلوه .

وملكت آزرميدخت بنت كسرى ، وأبطأ خبر المسلمين على أبي بكر رضي الله عنه ، فخلف المثنى على المسلمين بشير بن الخصاصية ، فخرج إلى أبي بكر رضي الله [ ص: 125 ] عنه ليخبره خبر المسلمين والمشركين ويستأذنه في الاستعانة بمن ظهرت توبته وندمه من أهل الردة ، فقدم المدينة وأبو بكر رضي الله عنه مريض ، فقال لعمر: إني أرجو أن أموت من يومي هذا ، فلا تمسين حتى تندب الناس مع المثنى ، وإن تأخرت إلى الليل فلا تصبحن حتى تندب الناس معه ، ولا تشغلنكم مصيبة عن دينكم ، وقد رأيتني متوفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما صنعت .

فمات أبو بكر رضي الله عنه وندب عمر الناس مع المثنى

التالي السابق


الخدمات العلمية