الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر طرف من خطب أبي بكر [الصديق رضي الله عنه] في خلافته

[أخبرنا محمد بن أبي طاهر ، قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، قال:

أخبرنا ابن حيويه ، قال: أخبرنا ابن معروف ، قال: أخبرنا ابن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال: أخبرنا هشام] بن عروة - قال عبيد الله: أظنه عن أبيه - قال: لما ولي أبو بكر خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال: أما بعد أيها الناس ، قد وليت أمركم ولست بخيركم ، ولكن نزل القرآن وسن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعلمنا فعلمنا ، اعلموا أن أكيس الكيس التقوى ، وأن أحمق الحمق الفجور ، وأن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه ، وأن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق ، أيها الناس إنما أنا متبع ولست بمبتدع ، فإن أحسنت فأعينوني وإن زغت فقوموني .

قال [ابن سعد: وأخبرنا وهب بن جرير ، قال: حدثنا أبي ، قال: سمعت] الحسن قال:

لما بويع أبو بكر قام خطيبا ، ولا والله ما خطب خطبته أحد بعد ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال: أما بعد ، فإني وليت هذا الأمر ، وأنا له كاره ، والله لوددت أن بعضكم كفانيه ، ألا وإنكم إن كلفتموني أن أعمل فيكم مثل عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم أقم به ، كان [ ص: 69 ] رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبدا أكرمه الله بالوحي ، وعصمه ، ألا وإنما أنا بشر ولست بخير من أحدكم ، فراعوني فإن رأيتموني [استقمت فاتبعوني ، وإذا رأيتموني] زغت فقوموني . واعلموا أن لي شيطانا يعتريني ، فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني ، لا أوثر في أشعاركم وأبشاركم .

[أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، أخبرنا رزق الله ، أخبرنا أبو علي بن شاذان ، أخبرنا أبو جعفر بن برية ، حدثنا أبو بكر القرشي ، قال: حدثني شريح بن يونس ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا الأوزاعي ، قال: حدثني يحيى] بن أبي كثير .

أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يقول في خطبته: أين الوضاءة الحسنة وجوههم المعجبون بشبابهم؟ أين الملوك الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحيطان؟ أين الذين كانوا يعطون الغلبة في مواطن الحرب ، قد تضعضع بهم الدهر فأصبحوا في ظلمات القبور ، الوحا الوحا ، النجا النجا .

[أخبرنا محمد بن أبي منصور ، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي ، أخبرنا أبو بكر بن نجيب ، حدثنا أبو جعفر بن ذريح ، حدثنا هناد بن السري ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن عبد الله القرشي] عن عبد الله بن حكيم ، قال:

خطبنا أبو بكر رضي الله عنه ، فقال: أما بعد ، فإني أوصيكم بتقوى الله ، وأن تثنوا عليه بما هو أهله ، وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة وتجمعوا الإلحاف بالمسألة ، فإن الله تعالى أثنى على زكريا وعلى أهل بيته فقال: إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ثم اعلموا عباد الله أن الله قد ارتهن بحقه أنفسكم ، وأخذ على ذلك مواثيقكم ، واشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي ، وهذا [ ص: 70 ] كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه ، ولا يطفأ نوره ، فصدقوا قوله وانتصحوا قوله واستضيئوا منه ليوم الظلمة ، وإنما خلقكم لعبادته ووكل بكم الكرام الكاتبين يعلمون ما تفعلون ، ثم اعلموا عباد الله أنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه ، فإن استطعتم أن تنقضي الآجال وأنتم في عمل الله فافعلوا ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله ، فسابقوا في مهل آجالكم قبل أن تنقضي آجالكم فيردكم إلى أسوأ أعمالكم ، فإن أقواما جعلوا آجالهم لغيرهم ونسوا أنفسهم ، فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم ، الوحا الوحا ، النجا النجا ، إن وراءكم طالبا حثيثا أمره سريع .

[أخبرنا ابن ناصر ، أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، أخبرنا أبو الحسين بن المهتدي ، أخبرنا محمد بن الحسن بن المأمون ، حدثنا أبو بكر بن الأنباري [حدثنا التيهان بن الهيثم] حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا] هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال: قعد أبو بكر على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاء الحسين بن علي ، فصعد المنبر ، وقال: انزل عن منبر أبي ، فقال له أبو بكر: منبر أبيك لا منبر أبي ، منبر أبيك لا منبر أبي ، فقال علي رضي الله عنه وهو في ناحية القوم: إن كانت لعن غير أمري .

التالي السابق


الخدمات العلمية