الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر زوال السنة السيئة التي كانت في نيل مصر

[أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصوري قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمير بن النحاس قال:

أخبرنا محمد بن حفص الحضرمي قال: حدثنا حسن بن عرفة الأنصاري قال: حدثني هانئ بن المتوكل قال: حدثنا ابن لهيعة ] عن قيس بن الحجاج قال: لما فتحت مصر أتى أهلها إلى عمرو بن العاص حين دخل بؤونة من أشهر العجم ، فقالوا له: أيها الأمير ، إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها . فقال لهم: وما ذاك؟ قالوا: إذا دخلت ثنتا عشرة ليلة من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها ، فأرضينا أباها ، وحملنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ، ثم ألقيناها في النيل . قال لهم: إن هذا لا يكون في الإسلام ، إن الإسلام يهدم ما كان قبله . فأقاموا بؤونة ، وأبيب ، ومسرى لا يجري قليلا ولا كثيرا ، حتى هموا بالجلاء عنها ، فلما رأى ذلك عمرو بن العاص كتب إلى عمر رضي الله عنه بذلك ، فكتب إليه عمر: "إنك قد أصبت؛ لأن الإسلام يهدم ما كان قبله" وكتب بطاقة داخل كتابه ، وكتب إلى عمرو: "إني قد بعثت إليك ببطاقة داخل كتابي ، فألقها في النيل" فلما قدم كتاب عمر إلى عمرو بن العاص أخذ البطاقة ، فإذا فيها: "من عبد الله أمير المؤمنين إلى نيل مصر ، أما بعد: فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر ، وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك" فألقى البطاقة في النيل قبل يوم الصليب بيوم ، وقد تهيأ أهل مصر للجلاء والخروج؛ لأنه لا تقوم مصلحتهم فيها إلا بالنيل . فلما ألقى البطاقة [أصبحوا] يوم الصليب وقد أجراه الله ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة ، فقطع الله تلك السنة السوء عن أهل مصر إلى اليوم .

وفي هذه السنة:

غزا أبو بحرية الكندي عبد الله بن قيس أرض الروم ، وهو أول من دخلها فيما [ ص: 295 ] قيل . وقيل: أول من دخلها ميسرة بن مسروق العبسي ، فسلم وغنم

وفي هذه السنة: زلزلت المدينة .

[أخبرنا أحمد بن علي المجلي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أبو الحسن بن بشران قال: أخبرنا ابن صفوان قال: أخبرنا عبد الله بن محمد القرشي قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله الباهلي قال: حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الله بن عمر ، ] عن نافع ، عن صفية قالت: زلزلت المدينة على عهد عمر رضي الله عنه ، فقال: أيها الناس ، ما أسرع ما أحدثتم ، لئن عادت لا أساكنكم فيها .

وفي هذه السنة: عزل عمر قدامة بن مظعون عن البحرين وحده في شراب شربه ، واستعمل عمر أبا هريرة -وقيل: أبا بكرة- على اليمامة والبحرين .

وفيها: قسم عمر خيبر بين المسلمين وأجلى منها اليهود؛ لأنهم قد بدعوا أبدا ابن عمر .

وفيها: بعث أبا حبيبة إلى أهل فدك ، فأعطاهم نصف الأرض ، ومضى إلى وادي القرى فقسمها .

وفيها: بعث عمر علقمة بن محرز المدلجي إلى الحبشة في مائتي رجل ، [ ص: 296 ] حملهم في أربع مراكب ، فأصيبوا فنجا [منهم] فحلف عمر لا يحمل فيه أحدا أبدا .

وفيها: حج عمر رضي الله عنه بالناس

التالي السابق


الخدمات العلمية