الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن الحوادث أن عمر رضي الله عنه كتب في عام الرمادة إلى أمراء الأمصار يستمدهم

[أخبرنا محمد بن الحسين ، وإسماعيل بن أحمد ، قالا: أخبرنا ابن النقور ، أخبرنا المخلص ، حدثنا أحمد بن عبد الله ، حدثنا السري بن يحيى ، حدثنا شعيب ، حدثنا] سيف ، عن أشياخه ، قالوا: كتب عمر إلى أمراء الأمصار يستغيثهم لأهل المدينة ومن حولها ويستمدهم ، فكان أول من قدم عليه أبو عبيدة بن الجراح في أربعة آلاف راحلة من طعام ، فولاه قسمتها فيمن حول المدينة ، فلما فرغ ورجع إلى المدينة أمر له بأربعة آلاف درهم ، فقال: لا حاجة لي فيها يا أمير المؤمنين ، إنما أردت الله وما قبله ، فلا تدخل علي الدنيا ، [ ص: 252 ] فقال: خذها فلا بأس بذلك إذا لم تطلبه ، فأبى ، فقال: خذها فإني وقد وليت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل هذا فقال لي مثل ما قلت لك ، فقلت له كما قلت لي فأعطاني . فقبل أبو عبيدة وانصرف إلى عمله ، وتتابع الناس واستغنى أهل الحجاز ، وأحيوا مع أول الحيا .

وجاء كتاب عمرو بن العاص إلى عمر : إن البحر الشامي حفر [لمبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] حفيرا ، فصب في بحر العرب ، فسده الروم والقبط ، فإن أحببت أن يقوم سعر الطعام بالمدينة كسعر مصر ، حفرت لهم نهرا وبنيت لهم قناطر ، فكتب [له عمر]: أن افعل ، وعجل ذلك ، فقال له أهل مصر: خراجك زاج ، وأمرك راض ، وإن تم هذا انكسر الخراج ، فكتب إلى عمر بذلك ، فذكر أن فيه انكسار خراج مصر وخرابها . فكتب إليه عمر: اعمل فيه وعجل ، أخرب الله خراج مصر في عمران المدينة وصلاحها ، فعالجه عمرو وهو القلزم ، وكان سعر المدينة كسعر مصر ، ولم يزد مصر ذلك إلا رخاء .

وكان عمر إذا بلغه عن ناحية من نواحي المسلمين غلاء حط نفسه على قدر ما يبلغه ، ويقول: كيف يكونون مني على بال إذا لم يمسسني ما مسهم ، وإنه غلظ على نفسه وأقبل على خبز الشعير فقرقر في بطنه يوما ، فقال: هو ما ترى حتى يحيا أهل مدينة كذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية