الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن الحوادث في مرضه صلى الله عليه وآله وسلم تردد جبريل عليه السلام إليه ثلاثة أيام قبل أن يموت برسالة من الله عز وجل

يقول له: كيف تجدك ، وكان ذلك في يوم السبت والأحد [والاثنين] ، واستئذان ملك الموت عليه في يوم الاثنين .

[أخبرنا محمد بن عمر الأرموي ، حدثنا أبو الحسين بن المهتدي ، أخبرنا أبو أحمد الفرضي ، أخبرنا علي بن محمد الرياحي ، حدثنا أبي ، حدثنا أبو أحمد بن الجون ، حدثنا رشدين ، حدثنا يحيى بن أبي سليمان ، عن سعيد المقبري] ، عن أبي هريرة: [ ص: 37 ]

أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي قبض فيه ، فقال: إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول كيف تجدك؟ قال: "أجدني وجعا يا أمين الله" . ثم جاء من الغد ، فقال: يا محمد ، إن الله يقرئك السلام ، ويقول: كيف تجدك؟ قال: "أجدني يا أمين الله وجعا" ثم جاءه اليوم الثالث ومعه ملك الموت ، فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك: كيف تجدك؟ قال: "أجدني يا أمين الله وجعا ، من هذا معك؟ " قال: هذا ملك الموت ، وهذا آخر عهدي بالدنيا بعدك ، وآخر عهدك بها ، ولن آسى على هالك من ولد آدم بعدك ، ولن أهبط إلى الأرض إلى أحد بعدك أبدا ، فوجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم سكرة الموت وعنده قدح فيه ماء ، فكلما وجد سكرة الموت أخذ من ذلك الماء فمسح به وجهه ويقول: "اللهم أعني على سكرة الموت" . [أخبرنا ابن عبد الباقي ، بإسناده عن محمد بن سعد ، قال: أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمرة الليثي ، قال: حدثونا] عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال: لما بقي من أجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث نزل جبريل مغموما ، فقال: يا أحمد ، إن الله أرسلني إليك إكراما [لك] وتفضيلا لك ، وخاصة بك يسألك عما هو أعلم به منك ، يقول [لك]: كيف تجدك؟ قال: "أجدني يا جبريل مغموما ، وأجدني يا جبريل مكروبا" . فلما كان في اليوم الثاني هبط إليه جبريل ، فقال: يا أحمد ، إن الله أرسلني إليك إكراما لك وتفضيلا لك وخاصة بك يسألك عما هو أعلم به منك ، يقول: كيف تجدك؟ قال: "أجدني يا جبريل مغموما وأجدني يا جبريل مكروبا" . فلما كان اليوم الثالث نزل عليه جبريل ، وهبط [معه ملك الموت ، ونزل] معه ملك يقال له إسماعيل يسكن الهواء لم يصعد إلى السماء قط ولم يهبط إلى الأرض منذ يوم كانت الأرض على [ ص: 38 ] سبعين ألف ملك ليس منهم ملك إلا على سبعين ألف ملك ، فسبقهم جبريل ، فقال: يا أحمد ، إن الله أرسلني إليك إكراما لك وتفضيلا لك ، وخاصة بك ، يسألك عما هو أعلم به منك ، ويقول لك: كيف تجدك؟ قال: أجدني يا جبريل مغموما وأجدني يا جبريل مكروبا ، ثم استأذن ملك الموت ، فقال جبريل: يا أحمد ، هذا ملك الموت يستأذن عليك ولم [يستأذن على آدمي كان قبلك ولا] يستأذن على آدمي بعدك ، قال: "ائذن له" ، فدخل ملك الموت فوقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال: يا رسول الله يا أحمد ، إن الله أرسلني إليك وأمرني أن أطيعك في كل ما تأمرني ، إن أمرتني أن أقبض نفسك قبضتها ، وإن أمرتني أن أتركها تركتها ، قال: "وتفعل يا ملك الموت؟ " قال: أمرت بذلك أن أطيعك في كل ما تأمرني به ، فقال جبريل: [يا أحمد ، إن الله قد اشتاق إليك ، قال: "فامض يا ملك الموت لما أمرت به" ، قال جبريل]: السلام عليك يا رسول الله ، هذا آخر مواطئي الأرض ، إنما كنت حاجتي من الدنيا .

فتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجاءت التعزية يسمعون الصوت والحس ولا يرون الشخص: السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، كل نفس ذائقة الموت ، وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ، في الله عزاء عن كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، ودركا من كل ما فات ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، إنما المصاب من حرم الثواب ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


التالي السابق


الخدمات العلمية