1578 - أخبرنا أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، نا محمد بن يوسف، أنا محمد بن إسماعيل، أنا أبو اليمان، نا شعيب، عن أبو الزناد، عن الأعرج، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة، فقيل: منع أبي هريرة، ابن جميل، وخالد بن الوليد، وعباس بن عبد [ ص: 33 ] المطلب.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا، فأغناه الله ورسوله، وأما خالد، فإنكم تظلمون خالدا قد احتبس أدراعه، وأعتده في سبيل الله، وأما عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي عليه صدقة، ومثلها معها". العباس بن عبد المطلب
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه عن مسلم، عن زهير بن حرب، علي بن حفص، عن عن ورقاء، وقال: أبي الزناد، عمر على الصدقة، وقال: "قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهو علي، ومثلها معها".
ثم قال: "يا عمر، أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه". بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
قوله: "وأعتده" يروى بالتاء، والأعتد: جمع العتاد، وكذلك الأعتاد، وهو ما أعده الرجل من السلاح والدواب والآلة للحرب. [ ص: 34 ] .
ثم له تأويلان، أحدهما: أن هذه الآلات كانت عنده للتجارة، فطلبوا منه زكاة التجارة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد جعلها حبسا في سبيل الله، فلا زكاة عليه فيها.
وفيه دليل على وجوب وجواز وقف المنقول. زكاة التجارة،
والتأويل الثاني: أنه اعتذر لخالد، يقول: إن خالدا لما حبس أدراعه تبرعا، وهو غير واجب عليه، فكيف يظن به أنه يمنع الزكاة الواجبة عليه.
وقيل في تأويله: إنه احتسب له ما حبسه بما عليه من الصدقة، لأن هم المجاهدون. أحد أصناف المستحقين للصدقة
وفيه على هذا الوجه دليل على جواز وعلى جواز أخذ القيم في الزكوات بدلا عن الأعيان، وضع الصدقة في صنف واحد.
وقوله: "صنو أبيه"، أي: أصلهما واحد، ومنه قوله سبحانه وتعالى: ( صنوان وغير صنوان ) ، وهي جمع صنو، ومعناه: أن يكون الأصل واحدا، وفيه النخلتان، والثلاث، والأربع.
ويحكى عن ابن الأعرابي، أنه قال: الصنو: المثل، أراد مثل أبيه.
وقوله في صدقة العباس: "فهي عليه صدقة"، فإن هذه اللفظة قل المتابعون لشعيب فيها، لأن العباس من صليبة بني هاشم لا تحل [ ص: 35 ] له الصدقة، فكيف يستأثره بها.
وروى غيره "هي علي ومثلها معها"، وتأوله قال: لعله أخرها عليه عامين لحاجة أبو عبيد، بالعباس إليها، كما روي أن عمر أخر الصدقة عام الرمادة، فلما أحيا الناس في العام المقبل، أخذ منهم صدقة عامين.
قوله: "أحيا الناس"، أي: صاروا في الحيا، وهو الخصب.
وأما رواية من روى، أنه قال: "هي علي ومثلها معها"، فله تأويلان، أحدهما: أنه كان قد تسلف منه صدقة سنتين، فصارت دينا عليه، وفيه دليل على جواز وجوز بعضهم تعجيل صدقة عامين لظاهر هذا الحديث. تعجيل الصدقة قبل محلها،
والآخر: أن يكون قد قبض منه صدقة ذلك العام الذي شكاه فيه العامل، وتعجل صدقة عام ثان، فقال: "هي علي"، أي: الصدقة التي قد خلت، وأنت تطالبه بها مع مثلها من صدقة عام لم يحل، فيكون قد أخذ صدقة أحد العامين بعد محلها، واستعجل صدقة العام المقبل. [ ص: 36 ] .