الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1587 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، نا أبو العباس الأصم.

                                                                            ح وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، ومحمد بن أحمد العارف، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعي، أنا سفيان، عن هواد بن سابور، ويعقوب بن عطاء، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال في كنز وجده رجل في خربة جاهلية: "إن وجدته في قرية مسكونة، أو سبيل ميتاء، فعرفه، وإن وجدته في خربة جاهلية، أو في قرية غير مسكونة، ففيه وفي الركاز الخمس".

                                                                            قال رحمه الله: الركاز اسم للمال المدفون في الأرض، والمعدن: [ ص: 59 ] اسم للمخلوق في الأرض، وقد يقع اسم الركاز عليهما جميعا من حيث إن المدفون ركزه صاحبه في الأرض، والمخلوق ركزه الله في الأرض، والخبر ورد في المدفون.

                                                                            وقال الحسن: الركاز: الكنز العادي.

                                                                            واتفق أهل العلم على وجوب الخمس في الركاز حالة ما يجده لا ينتظر به حول، وشرطه أن يجده مدفونا في موات، أو في موضع جاهلي لم يجر عليه ملك في الإسلام، وأن يكون من دفن الجاهلية، فإن كان شيئا لا يتصور بقاؤه من ذلك الزمان، أو كان نقدا بضرب الإسلام، فهو لقطة. [ ص: 60 ] .

                                                                            واختلفوا في أن الوجوب هل يختص بالذهب والفضة وبالنصاب؟ فذهب الشافعي في أظهر قوليه إلى أن الخمس، لا يجب في غير الذهب والفضة، ويجب فيهما بعد أن يكون نصابا عشرين مثقالا من الذهب، أو مائتي درهم، ثم احتاط، وقال: لو كنت أنا الواجد لخمست القليل والكثير والذهب والفضة وغيرهما.

                                                                            وأوجب مالك في قليله وكثيره.

                                                                            ومصرف الركاز مصرف الزكاة عند الشافعي، لأنه مستفاد من الأرض كالزرع، وعند أبي حنيفة مصرفه مصرف خمس الفيء، لأنه من مال أهل الشرك.

                                                                            وأما المستخرج من المعدن، فعند الشافعي إن كان ذهبا أو فضة يجب فيه ربع العشر على أظهر قوليه بعد أن يكون نصابا، ولا يشترط فيه الحول كالزرع يؤخذ منه الزكاة حين يحصد، ولم يجب الخمس لكثرة المؤونة في تحصيله، ولا يوجب في غير الذهب والفضة.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية