الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب تحريمها على موالي الرسول صلى الله عليه وسلم.

                                                                            1607 - أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي، أنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي، نا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، نا أبو عيسى الترمذي، نا محمد بن المثنى، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي رافع، عن أبي رافع، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة، فقال لأبي رافع: اصحبني كيما تصيب منها، فقال: لا، حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسأله، فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال: "إن الصدقة لا تحل لنا، وإن موالي القوم من أنفسهم". [ ص: 103 ] .

                                                                            قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمه أسلم.

                                                                            وابن أبي رافع اسمه عبيد الله بن أبي رافع، كاتب علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

                                                                            قال رحمه الله: لم يختلف المسلمون في أن الصدقة المفروضة كانت محرمة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك على بني هاشم على قول أكثر العلماء، قال الشافعي: لا تحل لبني المطلب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أشركهم في سهم ذوي القربى من الغنيمة مع بني هاشم، وتلك العطية عوض لهم عما حرموا من الصدقة.

                                                                            فأما موالي بني هاشم، فاختلفوا فيهم، فمنهم من لم يبح لهم لظاهر الحديث، ومنهم من أباح لهم، لأنه لا حظ لهم في سهم ذوي القربى، وإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم أبا رافع تنزيها له، وقال: "مولى القوم من أنفسهم" في الاقتداء بهم، والأخذ بسيرتهم في الاجتناب عما يجتنبون عنه، ويشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم يكفيه المؤونة، إذ كان أبو رافع يتصرف له في الحاجة والخدمة، فقال له على هذا المعنى: إذا كانت تستغني بما أعطيت، فلا تطلب أوساخ الناس، فإنك مولانا ومنا.

                                                                            أما صدقة التطوع، فكان مباحا لآل الرسول صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأخذها تنزيها، روي عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أنه كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة، قيل له: تشرب من الصدقة؟! فقال: إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة. [ ص: 104 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية