الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب صوم الدهر.

                                                                            1807 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح، نا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، نا علي بن الجعد، أنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، سمعت أبا العباس المكي، يقول: سمعت عبد الله بن عمرو، يقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله بن عمرو، إنك لتصوم الدهر، وتقوم الليل، إنك إذا فعلت ذلك، هجمت له العين، ونفهت له النفس، لا صام من صام الأبد، صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله"، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك؟ قال: "فصم صوم داود، كان يصوم يوما، ويفطر يوما، ولا يفر إذا لاقى".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن آدم، وأخرجه مسلم، عن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، كلاهما عن شعبة [ ص: 363 ] وأبو العباس المكي هو الشاعر، اسمه السائب بن فروخ.

                                                                            وقوله: "هجمت له العين"، أي: غارت ودخلت، ومنه هجمت على القوم: إذا دخلت عليهم، وهجم عليهم البيت: إذا سقط عليهم.

                                                                            وقوله: "نفهت له النفس"، أي: أعيت وكلت، ويقال للمعيي: منفه ونافه، وجمع النافه نفه.

                                                                            وقوله: "لا صام من صام الأبد"، بمعنى الدعاء عليه، وقد تكون لا بمعنى لم، كقوله سبحانه وتعالى: ( فلا صدق ولا صلى ) .

                                                                            وقوله: "وكان لا يفر إذا لاقى"، قيل: معناه أنه كان لا يستفرغ مجهوده في الصوم والصلاة، بل يستبقي بعض القوة للجهاد، وغيره من الأعمال.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية