الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1837 - أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي، وأحمد بن عبد الله الصالحي، قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحيري، أنا محمد بن أحمد بن معقل الميداني، نا محمد بن يحيى، نا عثمان بن عمر، نا يونس، عن الزهري، [ ص: 400 ] عن عروة، وعمرة، أن عائشة، قالت: "إني كنت لآتي البيت وفيه المريض، فما أسأل عنه إلا وأنا مارة وهي معتكفة، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل علي رأسه وهو في المسجد، فأرجله وهو معتكف، وكان لا يأتي البيت لحاجة إلا إذا أراد الوضوء".

                                                                            وروي عن عائشة، قالت: كان صلى الله عليه وسلم يعود المريض وهو معتكف، فيمر كما هو، فلا يعرج يسأل عنه، وهو قول عطاء، ومجاهد، وبه قال الأوزاعي، والثوري، وابن المبارك، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.

                                                                            فإن شرط في اعتكافه الخروج لشيء منها، جاز له أن يخرج له عند بعضهم، وبه قال الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وإسحاق.

                                                                            وذهب قوم إلى أنه لا يكون في الاعتكاف شرط، وبه قال مالك. [ ص: 401 ] .

                                                                            أما الخروج للجمعة، فواجب عليه، لا يجوز له تركه.

                                                                            واختلفوا في بطلان اعتكافه، فذهب قوم إلى أنه لا يبطل به اعتكافه، وهو قول الثوري، وابن المبارك، وأصحاب الرأي، كما لو خرج لقضاء الحاجة.

                                                                            وذهب بعضهم إلى أنه يبطل اعتكافه، وهو قول مالك، والشافعي، وإسحاق، وأبي ثور، قالوا: إذا كان اعتكافه أكثر من ستة أيام، يجب أن يعتكف في المسجد الجامع، لأنه إذا اعتكف في غيره يجب عليه الخروج لصلاة الجمعة، وفيه قطع لاعتكافه، فإن كان أقل من ذلك، أو كان المعتكف ممن لا جمعة عليه، اعتكف في أي مسجد شاء.

                                                                            وليس للمعتكف أن يقبل، ولا بأس أن يعقد النكاح، أو يتطيب، ولو جامع المعتكف، فسد اعتكافه، أما إذا قبل أو باشر فيما دون الفرج، فاختلفوا فيه، فذهب قوم إلى أنه لا يبطل اعتكافه، وإن أنزل، كما لا يفسد به الحج، وهو قول عطاء، وأظهر قولي الشافعي.

                                                                            وقال قوم: يبطل اعتكافه، وهو قول مالك، وأصحاب الرأي، وقيل: إن أنزل بطل، وإن لم ينزل، فلا يبطل كالصوم.

                                                                            ولو حاضت المعتكفة خرجت، فإذا طهرت رجعت أية ساعة كانت من غير تأخير، وبنت على ما مضى من اعتكافها. [ ص: 402 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية