الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1700 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، أنا أبو مصعب، عن مالك عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، [ ص: 209 ] فأردت أن أبتاعه منه، وظننت أنه بائعه برخص، فسألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "لا تبتعه وإن أعطاكه بدرهم واحد، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن يحيى بن قزعة، وأخرجه مسلم، عن القعنبي، كلاهما عن مالك.

                                                                            وفي الحديث أنه منعه عن شراء صدقته، يحتمل أن يكون المعنى فيه أنه شيء أخرجه من ملكه إلى الله عز وجل وكان في نفسه منه شيء، فلما أراد أن يعود، أشفق عليه أن تفسد نيته، ويحبط أجره فيها، وشبهه بالعود في الصدقة وإن كان بالثمن، وهذا كما منع المهاجرين بعد الفتح عن معاودة دورهم؛ لأنهم تركوها لله سبحانه وتعالى. [ ص: 210 ] .

                                                                            وليس من هذا الباب أن يشتري الرجل بالثمن من غلة أرض كان قد تصدق بها، لأنها غير تلك العين، إنما هو شيء حادث منها.

                                                                            وروي عن ابن عباس، قال: أيما رجل كتب لرجل صدقة درهم أو غيره، فهو لله في ماله يطلبه به.

                                                                            وعن عكرمة، قال ابن عباس: إذا خرج الرجل بصدقة يريد بها رجلا، فلم يقبلها، فهي لرجل يأكلها ويصنع فيها ما يشاء.

                                                                            وعن ابن عمر أنه كان إذا أخرج شيئا صدقة إلى المسكين، فوجده قد ذهب، عزله حتى يجعله في مثله، ومثله عن عكرمة، وإبراهيم النخعي.

                                                                            وعن محمد بن علي أنه كان إذا أعطى السائل شيئا، فيسخطه، انتزعه منه، فأعطاه غيره.

                                                                            وروي أن محمد بن علي أعطى من لحم بدنة نحرها سائلا، فأبى أن يأخذ، فكأنه استقله، فقال: ليس إلا هذا، فعزله محمد، ثم إن السائل رجع، فقال: أعطنيها، فقال: لا نعطيك، أمرنا الله أن نعطي القانع، فلم تقنع أنت بما أعطيت. [ ص: 211 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية