الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1660 - حدثنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو الحسين علي بن عبد الله بن بشران السكري، ببغداد، نا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري، نا سعدان بن نصر بن منصور أبو عثمان البزاز، نا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "مثل المنفق والبخيل، كمثل رجلين عليهما جبتان، أو جنتان من لدن ثدييهما إلى تراقيهما، فإذا أراد المنفق ينفق، سبغت عليه الدرع، أو مرت حتى تجن بنانه وتعفو أثره، وإذا أراد البخيل أن ينفق، قلصت عليه، ولزمت كل حلقة موضعها حتى أخذت بعنقه أو ترقوته، فهو يوسعها وهي لا تتسع".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن أبي الزناد، وأخرجه مسلم، عن عمرو الناقد، عن سفيان بن عيينة. [ ص: 159 ] .

                                                                            قوله: "تجن بنانه"، أي: تسترها، ومنه قوله سبحانه وتعالى: ( فلما جن عليه الليل ) ، أي: واراه وستره، وسمي الجن جنا لتواريهم عن الأعين.

                                                                            فهذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للجواد المنفق، والبخيل الممسك، فجعل مثل الجواد مثل رجل لبس درعا سابغة، إلا أنه أول ما يلبسها تقع على الصدر والثديين إلى أن يسلك يديه في كميها، ويرسل ذيلها على أسفل يديه، فاستمرت حتى سترت جميع بدنه، وحصنته، وجعل مثل البخيل مثل رجل كانت يداه مغلولتين إلى عنقه، ثابتتين دون صدره، فإذا لبس الدرع، حالت يداه بينها وبين أن تمر على البدن، فاجتمعت في عنقه، ولزمت ترقوته، فكانت ثقلا ووبالا عليه من غير تحصين لبدنه.

                                                                            وحقيقة المعنى: أن الجواد إذا هم بالنفقة، اتسع لذلك صدره، وطاوعته يداه، فامتد بالعطاء والبذل، والبخيل يضيق صدره، وتنقبض يده عن الإنفاق في المعروف، فهذا معنى كلام الخطابي على الحديث.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية