الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب المستفاد لا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول.

                                                                            1576 - أخبرنا أبو عثمان الضبي، أنا أبو محمد الجراحي، نا أبو العباس المحبوبي، نا أبو عيسى، نا يحيى بن موسى، نا هارون بن صالح الطلحي، نا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استفاد مالا، فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول". [ ص: 29 ] .

                                                                            ورواه نافع، عن ابن عمر موقوفا عليه، وهو الأصح.

                                                                            وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن لا زكاة في المستفاد حتى يحول عليه الحول، يروى ذلك عن أبي بكر، وعلي، وابن عمر، وعائشة، وبه قال عطاء، وإبراهيم النخعي، وعمر بن عبد العزيز، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق.

                                                                            وقال بعض أهل العلم: إن استفاد مالا زكاتيا، وعنده من جنسه نصاب، يضم إليه المستفاد في الحول، فإذا تم حول ما عنده تجب الزكاة في الكل.

                                                                            يروى ذلك عن ابن عباس، وبه قال الحسن البصري، والزهري، وهو قول الثوري، ومالك، وأصحاب الرأي.

                                                                            أما إذا تم النصاب بالمستفاد، فلا زكاة فيها حتى يحول عليه الحول من يوم أفاد.

                                                                            واتفقوا على أن النتاج يضم إلى الأصل في الحول، وكذلك حول الربح يبتني على حول الأصل في زكاة التجارة، فإذا تم حول الأصل، فعليه أن يزكي عن الكل.

                                                                            وفي الحديث دليل على أن النصاب إذا انتقص في خلال الحول انقطع الحول، فإذا تم بعد ذلك يستأنف الحول، وبه قال الشافعي، وذهب أصحاب الرأي إلى أنه لا ينقطع الحول، والنصاب شرط في طرفي الحول، وعند مالك في الناض يشترط النصاب في آخر الحول حتى لو ملك دينارا، [ ص: 30 ] فصار في آخر الحول عشرين تجب عليه الزكاة، كما في زكاة التجارة.

                                                                            قلت: زكاة التجارة تجب في القيمة، ولا يمكن ضبطها في جميع الحول، فروعي آخر الحول فيها.

                                                                            وفيه دليل على أنه إذا بادل ماله في أثناء الحول بمال آخر من جنسه، أو غير جنسه، ينقطع الحول، ويبتدأ الحول على ما اشتراه من يوم الشراء، وهو قول الأكثرين.

                                                                            وقال مالك: إن بادل بجنسه لا ينقطع الحول، أما إن بادل النقد بالنقد، فعند الأكثرين لا ينقطع الحول، وعند الشافعي ينقطع.

                                                                            ومن ورث مالا، فلا يبتني حول الوارث على حول المورث، بل يستأنف الحول من يوم ورثه، فإذا تم، أخرج الزكاة. [ ص: 31 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية