الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1594 - أنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا يحيى بن محمد بن السكن، نا محمد بن جهضم، نا إسماعيل بن جعفر، عن عمر بن نافع، عن أبيه، [ ص: 71 ] عن ابن عمر، قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم "زكاة الفطر صاعا من تمر، أو من شعير على الحر والعبد، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم، عن محمد بن رافع، عن ابن أبي فديك، عن الضحاك، عن نافع.

                                                                            وفيه دليل على أن صدقة الفطر فريضة، وهو قول عطاء، وابن سيرين، وعامة أهل العلم.

                                                                            وذهب أصحاب الرأي إلى أنها واجبة ليست بفريضة، والواجب عندهم أحط رتبة من الفريضة.

                                                                            وفيه دليل على أن ملك النصاب ليس بشرط لوجوبها، بل هي واجبة على الفقير والغني، وهو قول الشعبي، وابن سيرين، وعطاء، والزهري، ومالك.

                                                                            قال الشافعي: إذا فضل عن قوته وقوت عياله ليوم العيد وليلته قدر صدقة الفطر، يلزمه صدقة الفطر، وكذلك قال ابن المبارك، وأحمد. [ ص: 72 ] .

                                                                            وقال أصحاب الرأي: لا تجب إلا على من يملك نصابا، لأن من حلت له الصدقة لا تجب عليه صدقة الفطر، والحد في ذلك عندهم ملك المائتين.

                                                                            وفيه دليل على أنه يجب أداؤها عن الصغير، والمجنون، وعمن أطاق الصوم أو لم يطق.

                                                                            روي عن علي، أنه قال: "صدقة الفطر إنما تجب على من أطاق الصوم".

                                                                            ويجب على المولى أن يؤدي عن عبيده وإمائه المسلمين شاهدهم وغائبهم، سواء كانوا للخدمة أو للتجارة، فعليه في رقيق التجارة صدقة الفطر وزكاة التجارة، وهو قول الزهري، والشافعي، وأكثر العلماء، وذهب أصحاب الرأي إلى أنها لا تجب على رقيق التجارة.

                                                                            ولا تجب على المسلم فطرة عبده الكافر، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: "من المسلمين"، ولأنها طهرة المسلم كزكاة المال، يروى ذلك عن الحسن البصري، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد.

                                                                            وقال عطاء، والنخعي: تجب على المسلم صدقة الفطر عن عبده الكافر، وبه قال الثوري وابن المبارك، وأصحاب الرأي، وإسحاق. [ ص: 73 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية