باب من تحل له الصدقة من الأغنياء.
1604 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، عن أبو مصعب، عن مالك، عن زيد بن أسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: عطاء بن يسار، " لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله، أو لغارم، أو رجل اشتراها بماله، أو رجل له جار مسكين، فتصدق على المسكين، فأهدى المسكين للغني، أو لعامل عليها ".
هكذا رواه عن مالك، عن زيد بن أسلم، مرسلا. عطاء بن يسار،
ورواه عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه. أبي سعيد الخدري،
قال رحمه الله: وليس في هذا الحديث ذكر ابن السبيل، وقد [ ص: 90 ] روي عن عطية، عن عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أبي سعيد، "لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله، أو ابن السبيل، أو جار فقير، فتصدق عليه، فيهدي لك أو يدعوك".
قال رحمه الله تعالى: جعل الله عز وجل في كتابه، فقال جل ذكره: ( الصدقات لثمانية أصناف إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ) .
وروي زياد بن الحارث الصدائي، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعته، فأتاه رجل، فقال: أعطني من الصدقة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو، فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك". عن
أما تقع منه موقعا، الفقير، فمن لا مال له، ولا حرفة على ما سبق ذكره، فيجوز أن يعطى إليهما ما بينهما وبين كفاية سنة. والمسكين: من له مال أو حرفة تقع منه موقعا، ولا تغنيه
والصنف الثالث: هم فله منها أجر مثل عمله [ ص: 91 ] فقيرا كان أو غنيا، روي عن العاملون على الصدقة، بسر بن سعيد، عبد الله بن السعدي، قال: استعملني عمر على الصدقة، فلما فرغت أمر لي بعمالة، فقلت: إنما عملت لله، قال: "خذ ما أعطيت، فإني قد عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعملني". عن
قوله: عملني.
معناه: أعطاني العمالة، وهذا الحق للعامل الذي يتولى أخذ الصدقات لا للإمام والوالي، لأنهما لا يليان أخذها.
شرب لبنا، فأعجبه، فأخبر أنه من نعم الصدقة، فأدخل إصبعه فاستقاءه. [ ص: 92 ] . عمر بن الخطاب
والصنف الرابع: هم وهم قسمان: قسم مسلمون، وقسم كفار، فأما المسلمون منهم، فقسمان: قسم دخلوا في الإسلام، ونيتهم ضعيفة يريد الإمام أن يعطيهم مالا تألفا، كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم، عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، أو تكون نيتهم قوية في الإسلام، وهم شرفاء في قومهم يريد أن يعطيهم، ترغيبا لأمثالهم في الإسلام، كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم عدي بن حاتم، والزبرقان بن بدر، فهذا واسع للإمام أن يفعل، ولكن يعطيهم من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وسلم، كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعطيهم من الصدقات.
والقسم الثاني من مؤلفة المسلمين: أن يكون قوم من المسلمين بإزاء قوم كفار في موضع منتاط، لا تبلغهم جيوش المسلمين إلا بمؤونة كثيرة، وهم لا يجاهدون إما لضعف نيتهم، وإما لضعف حالهم، فيجوز للإمام أن يعطيهم من سهم الغزاة، وقيل: من سهم المؤلفة.
ومنهم قوم بإزاء جماعة من مانعي الزكاة يأخذون منهم الزكاة يحملونها إلى الإمام، فيعطيهم الإمام من سهم المؤلفة من الصدقات، وقيل: من سهم سبيل الله، وقيل: يتخير الإمام بينهما.
روي أن جاء عدي بن حاتم بثلاث مائة من الإبل من صدقات قومه، فأعطاه أبا بكر منها ثلاثين بعيرا. أبو بكر
أما الكفار من المؤلفة: هو من يخشى شره منهم، أو يرجى إسلامه، فيريد أن يعطي هذا طمعا في إسلامه أو ذاك، حذرا من شره، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي من خمس الخمس، لما يرى من ميله [ ص: 93 ] إلى الإسلام ترغيبا له فيه. صفوان بن أمية
أما اليوم، فقد أعز الله الإسلام بحمد الله، فأغناه عن أن يتألف عليه رجال، فلا يعطى مشرك تألفا بحال، فقد قال بهذا كثير من أهل العلم: إن المؤلفة منقطعة، وسهمهم ساقط، روي ذلك عن وبه قال الشعبي، مالك، والثوري، وأصحاب الرأي، وإسحاق.
وقالت طائفة من أهل العلم: سهمهم ثابت، وهو قول وقال الحسن البصري، يعطون إن احتاج المسلمون إلى ذلك. أحمد:
ثم هذا إذا أعطاهم تألفا وترغيبا لهم في الإسلام من غير أن شارطهم، فإن شارطهم على أن يسلموا، فمردودة، لأن الإسلام فرض لازم عليهم لا يجوز أخذ الجعل عليه بالاتفاق.
والصنف الخامس: هم وهم المكاتبون لهم سهم من الصدقة، [ ص: 94 ] ولا يعطون أكثر مما يحصل لهم بأدائه العتق، وقال مالك: يشترى بسهم الرقاب عبيد يعتقون. الرقاب،
والصنف السادس: هم فهم قسمان: قسم ادانوا لأنفسهم، فإنهم يعطون من الصدقة إذا لم يكن لهم من المال ما يفي بديونهم، وقسم ادانوا في إصلاح ذات البين، فإنهم يعطون وإن كانوا أغنياء. الغارمون،
والصنف السابع: وهم الغزاة عند أكثر أهل العلم، فإنهم يعطون إذا أرادوا الخروج إلى الغزو، وما يستعينون به على أمر الغزو من الحمولة، والسلاح، والنفقة، والكسوة، وإن كانوا أغنياء. سهم سبيل الله،
ولا يجوز صرف شيء من الزكاة إلى الحج عند أكثر أهل العلم، وهو قول الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي.
وروي عن أنه كان لا يرى بأسا أن يعطي الرجل من زكاته في الحج، ومثله عن ابن عباس وهو قول ابن عمر، وبه قال الحسن، أحمد وإسحاق.
قال أوصى إلي رجل بماله أن أجعله في سبيل الله، فسألت ابن سيرين: فقال: إن الحج من سبيل الله، فاجعله فيه. ابن عمر،
واحتجوا بما روي قالت: يا رسول الله، إن علي حجة، وإن أم معقل، لأبي معقل بكرا.
قال أبو معقل: صدقت، جعلته في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطها، [ ص: 95 ] فلتحج عليه، فإنه في سبيل الله"، فأعطاها. أن
ويذكر عن أبي لاس: [ ص: 96 ] حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على إبل الصدقة للحج.
وعن قال: يعتق من زكاة ماله ويعطي في الحج. ابن عباس،
وقال إن اشترى أباه من الزكاة جاز، ويعطي في المجاهدين، والذي لم يحج، قال النبي صلى الله عليه وسلم: الحسن: خالدا احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله". "إن
والصنف الثامن: هم فكل من يريد منهم سفرا مباحا يعطى إليه قدر ما يقطع تلك المسافة إذا لم يكن له ما يقطع به المسافة، سواء كان في البلد المنتقل إليه مال، أو لم يكن، وإن كان له في الطريق ببلد مال، فلا يعطى إلا قدر ما يصل به إلى ماله. أبناء السبيل،
واختلف أهل العلم في جواز مع وجود سائر الأصناف، فذهب جماعة إلى أنه لا يجوز، وهو قول صرف الرجل جميع زكاة ماله إلى صنف واحد وإليه ذهب عكرمة، فقال: يجب على الرجل أن يقسم زكاة كل صنف من ماله على الموجودين من الأصناف الستة الذين سهامهم [ ص: 97 ] ثابتة قيمة على السواء، ثم حصة كل صنف منهم لا يجوز أن يصرف إلى أقل من ثلاث منهم إن وجد منهم ثلاثا فأكثر، ولو فات بين أولئك الثلاث يجوز، فإن لم يجد من بعض الأصناف إلا واحدا، صرف إليه جميع حصة ذلك الصنف ما لم يخرج عن حد الاستحقاق، فإن انتهت حاجته، وفضل شيء رده إلى الباقين. الشافعي،
وذهب جماعة إلى أنه لو صرف الكل إلى صنف واحد من هذه الأصناف، أو إلى شخص واحد منهم، يجوز، يروى ذلك عن وهو قول ابن عباس، الحسن البصري، وإليه ذهب وعطاء بن أبي رباح، سفيان الثوري، وأصحاب الرأي، وبه قال قال: يجوز أن يضعها في صنف واحد، وتفريقها أولى. أحمد،
واحتجوا بحديث سلمة بن صخر في الظهار حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: فهذا يدل على جواز وضعها في صنف واحد، وشخص واحد. "أطعم وسقا من تمر بين ستين مسكينا"، قال: ما أملك، قال: "فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق، فليدفعها إليك، فأطعم ستين مسكينا وسقا من تمر، وكل أنت وعيالك بقيتها"،
وقال إن كان المال كثيرا يحتمل الأجزاء، قسمه على الأصناف، وإن كان قليلا، جاز وضعه في صنف واحد. [ ص: 98 ] . إبراهيم النخعي:
قال يتحرى موضع الحاجة منهم، ويقدم الأولى فالأولى من أهل الخلة والفاقة، فإن رأى الخلة في الفقراء في عام أكثر، قدمهم، وإن رآها في ابن السبيل في عام آخر، حولها إليهم. مالك:
قال وعلى هذا أدركت من أرضى من أهل العلم. مالك:
وقال إن قسم الإمام قسمها على الأصناف، وإن تولى رب المال قسمتها، فوضعها في صنف واحد، رجوت أن يسعه. [ ص: 99 ] . أبو ثور: