الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
307 - وذكر هبة بن منصور الطبري في كتاب السنة ، فقال : سمعت أبا محمد [ ص: 323 ] الحسن بن عثمان بن جابر ، قال : سمعت أبا نصر أحمد بن يعقوب بن زاذان قال : بلغني أن أحمد بن حنبل قرأ عليه رجل : ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ) ثم أومى بيده ، فقال أحمد : قطعها الله وحرد وقام .

وهذا محمول على أنه قصد التشبيه ، والموضع الذي أجازه إذا لم يقصد ذلك ، والوجه فيه : أنه ليس في حمله على ذلك ما يغير صفاته ولا يخرجها عما تستحقه ، لما بينا في الحديث الذي قبله وهو أن إثبات الأصابع كإثبات اليدين والوجه .

فإن قيل : المراد به إصبع بعض خلق يخلقه ، قالوا : لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل في الخبر على إصبعه ، بل أطلق ذلك فيحل عليه .

قيل : هذا غلط لوجهين : أحدهما : أن في الخبر يسقط ذلك وهو قوله : " وسائر الخلق على هذه " فاقتضى ذلك أنه لم يبق مخلوق إلا وهو على الإصبع ، فلو كان المراد به إصبع بعض خلقه لخرج بعض الخلق عن أن يكون على الإصبع ، وهذا خلاف الخبر .

الثاني : أن المفسرين قالوا : إنما يكون ذلك عند فناء خلقه وإماتتهم ، فلا يكون له مجيب غير نفسه ( لله الواحد القهار ) فدل بهذا على أنه لم يبق [ ص: 324 ] هناك خلق يضع السماوات على إصبعه فإن قيل : ففي الخبر ما يدل على القدرة ، وهو قوله : ( وما قدروا الله حق قدره ) قيل : معناه ما عرفوا الله حق معرفته ، وإذا كان هذا معناه ، لم يكن المراد به القدرة ، وهذا الحديث ذكره البخاري ومسلم في الصحيحين [ ص: 325 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية