الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
حديث آخر .

434 - رواه ابن فورك ، ثم رأيته بعد ذلك في غريب الحديث لابن قتيبة فقال : حدثنيه أبو الخطاب زياد بن يحيى بن حسان قال : نا أبو عتاب ، عن عيسى بن عبد الرحمن السلمي قال : حدثني عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن فلانا هجاني وهو يعلم أني لست بشاعر ، فاهجه اللهم والعنه عدد ما هجاني " وتكلم على تأويله فقال : " قوله : " اللهم اهجه " أي جازه على الهجاء كما قال : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) وقال تعالى : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ) وليس الثاني اعتداء ولا سيئة في الحقيقة ، وإنما سمي باسمه لما كان جزاء له وكذلك قوله : ( يستهزئ بهم ) وقوله : ( سخر الله منهم ) ومنه قول الشاعر :

ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا

[ ص: 462 ] .

فسمى الجزاء على الجهل جهلا ، كذلك قوله : " فاهجه اللهم " أي جازه على هجائه بعقوبة تحلها به .

واعلم أنه غير ممتنع على أصلنا إطلاق الهجو عليه سبحانه ، لأنه الهجو هو : الذم وقد ذم الله تعالىأبا لهب بقوله : ( تبت يدا أبي لهب ) وسمت العرب هذه السورة هجو أبي لهب ، وكذلك الاستهزاء والسخرية لا يمتنع وصف الله تعالى بهما ، لأن الاستهزاء والسخرية هو الانتقاص والاستهانة ، وقد ينتقص الله أقواما ويهون بهم ، قال تعالى : ( ومن يهن الله فما له من مكرم ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الميزان بيد الرحمن يرفع أقواما ويضع آخرين " [ ص: 463 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية