الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
331 - وفي حديث آخر : رواه أبو ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال الله جل اسمه مقبلا على العبد ما لم يلتفت ، فإذا التفت انصرف عنه " وفي لفظ آخر قال : " إذا لينصرف وجهه عنه " وفي لفظ آخر قال : " إذا التفت أعرض عنه " .

اعلم أن الكلام في فصلين : أحدهما : قوله : " إن الله قبل وجهه ومواجهه " والثاني : في الإعراض أما الأول فغير ممتنع حمله على ظاهره ، إذ ليس في ذلك ما يحيل صفاته ، لأن ذلك لا يوجب الجهة في حقه ، كما لم يوجب الجهة في القول بجواز رؤيته في الآخرة ، [ ص: 353 ] وإن كنا نعلم في الشاهد أن المرئي لا يكون إلا في جهة كذلك ها هنا ، وفي هذا إسقاط لقولهم إن وصفه بذلك يفضي إلى الجهة والمحاذاة والمقابلة ، لأنه لا يفضي إلى ذلك ، كما لم يفض هذا القول إلى القول بجواز رؤيته ، وفي القول بالاستواء على العرش فإن قيل : معناه ثواب الله ينزل على هذا المصلي قبل وجهه وكرامته ، ومثله قول النبي صلى الله عليه وسلم : " يجيء القرآن بين يدي صاحبه يوم القيامة " [ ص: 354 ] أي : يجيء ثوابه ، ويحتمل أن يكون ذلك على معنى الترغيب في إدمان الخشوع وإحضار القلب حين يشغله ذلك عن غيره .

قيل : هذا غلط لأن ثواب الله تعالى وكرامته لا تختص بالمصلي ، ولا يختص تلقاء وجهه ، لأنها عامة قبل الصلاة وبعدها ، وأمامه ووراه ، وقد قال تعالى : ( وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها ) [ ص: 355 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية