الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          682 - ( ل عس ) : بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء [ ص: 100 ] ابن هلال بن ماهان بن عبد الله المروزي أبو نصر الزاهد المعروف بالحافي نزيل بغداد ، وهو خال علي بن خشرم . ويقال : ابن أخته وابن عمه .

                                                                          روى عن : إبراهيم بن سعد وبشر بن منصور السليمي وحجاج بن منهال ، وحماد بن زيد وخالد بن عبد الله الواسطي ، وزيد بن أبي الزرقاء ، وأبي الأحوص سلام بن سليم وشريك بن عبد الله النخعي ، وعبد الله بن داود الخريبي ، وعبد الله بن المبارك ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وعبد الرحمن بن مهدي ( ل ) ، وعلي بن مسهر ، وعيسى بن يونس وفضيل بن عياض ، والقاسم بن عثمان الجوعي ومالك بن أنس ، والمعافى بن عمران ويحيى بن اليمان ، وأبي بكر بن عياش ( عس ) .

                                                                          روى عنه : إبراهيم بن إسحاق الحربي ، وإبراهيم بن هاشم بن مشكان ، وإبراهيم بن هانئ النيسابوري ، وأحمد بن إبراهيم الدورقي ، وأحمد بن الصلت بن المغلس الحماني ، وأحمد بن محمد بن حنبل ، وأبو العباس أحمد بن محمد بن علي الخزاعي الأصبهاني ، وأبو العباس أحمد بن محمد البراثي ، وأحمد بن [ ص: 101 ] مسكين ، وإسحاق بن الحسن الحربي ، وإسحاق بن الضيف ، وإسحاق بن عمرو القومسي ، وأبو إبراهيم إسماعيل بن السندي بن هلال الخلال وأيوب العطار ، والحسن بن عمرو المروزي المعروف بالشيعي وحسن المسوحي ، وأبو خيثمة زهير بن حرب وسري بن المغلس السقطي ، وسليمان بن حرب ومات قبله ، وعباس بن عبد العظيم العنبري ( ل ) ، وعبد الله بن إبراهيم السواق الكوفي ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وعبد الله بن عبيد البغدادي ، وعبد الصمد بن محمد العباداني وابن عمه علي بن خشرم ، وعمر بن موسى الجلاء وابن أخته أبو حفص عمر ، والفضل بن العباس الحلبي ، ومحمد بن جعفر الوركاني ، ومحمد بن حاتم ( عس ) ، ومحمد بن عبد الله بن أيوب المخرمي ، ومحمد بن عبد الله بن علوان الحنفي ، ومحمد بن المثنى السمسار صاحبه ، ومحمد بن محمد بن أبي الورد البغدادي ، ومحمد بن نعيم بن الهيصم الهروي ، وأبو جعفر محمد بن هارون المعروف بأبي نشيط ، ومحمد بن يزيد الهروي المستملي ، ومحمد بن يوسف الجوهري ، وأبو الفتح نصر بن منصور البزاز ونعيم بن الهيصم الهروي ويحيى بن أكثم القاضي ويحيى الجلاء في آخرين .

                                                                          قال الحافظ أبو بكر الخطيب : سكن بغداد وكان ممن فاق أهل عصره في الورع والزهد ، وتفرد بوفور العقل وأنواع الفضل وحسن الطريقة واستقامة المذهب وعزوف النفس وإسقاط الفضول وكان كثير الحديث إلا أنه لم ينصب نفسه للرواية ، [ ص: 102 ] وكان يكرهها ودفن كتبه لأجل ذلك ، وكل ما سمع منه فإنما هو على طريق المذاكرة .

                                                                          وقال أبو بكر بن أبي داود : قلت لعلي بن خشرم : لما أخبرني أن سماعه وسماع بشر بن الحارث من عيسى واحد ، قلت : فأين حديث أم زرع ؟ فقال : سماعي معه وكتبت إليه أن يوجه به إلي فكتب إلي هل عملت بما عندك حتى تطلب ما ليس عندك ؟ قال علي : ولد بشر في هذه القرية وهي مرو وكان بشر يتفتى في أول أمره ، وقد جرح .

                                                                          وقال الحسين بن إسماعيل المحاملي ، عن حسن المسوحي : سمعت بشر بن الحارث يقول : أتيت باب المعافى بن عمران فدفعت الباب ، فقيل لي : من ؟ فقلت : بشر الحافي ، فقالت لي بنية من داخل الدار : لو اشتريت نعلا بدانقين ذهب عنك اسم الحافي .

                                                                          وقال محمد بن سعد في طبقات أهل بغداد : بشر بن الحارث ويكنى أبا نصر وكان من أبناء خراسان من أهل مرو ونزل بغداد وطلب الحديث وسمع من حماد بن زيد وشريك وعبد الله بن المبارك وهشيم وغيرهم سماعا كثيرا ، ثم أقبل على العبادة واعتزل الناس فلم يحدث ومات ببغداد يوم الأربعاء [ ص: 103 ] لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين وشهده خلق من أهل بغداد وغيرها ودفن بباب حرب ، وهو يومئذ ابن ست وسبعين سنة .

                                                                          وقال الحسن بن رشيق المصري ، عن أبي حفص عمر بن عبد الله الواعظ : كان بشر بن الحارث شاطرا يجرح بالحديد ، وكان سبب توبته أنه وجد قرطاسا في أتون حمام فيه "بسم الله الرحمن الرحيم" فعظم ذلك عليه ورفع طرفه إلى السماء . وقال : سيدي اسمك هاهنا ملقى ، فرفعه من الأرض وقلع عنه السحاة التي هو فيها ، وأتى عطارا فاشترى بدرهم غالية لم يكن معه سواه ولطخ تلك السحاة بالغالية ، فأدخله شق حائط وانصرف إلى زجاج كان يجالسه ، فقال له الزجاج : والله يا أخي لقد رأيت لك في هذه الليلة رؤيا ما رأيت أحسن منها ، ولست أقول لك حتى تحدثني ما فعلت في هذه الأيام فيما بينك وبين الله تعالى ، فقال : ما فعلت شيئا أعلمه غير أني اجتزت اليوم بأتون حمام ، فذكره ، فقال الزجاج : رأيت كأن قائلا يقول لي في المنام : قل لبشر ترفع اسما لنا من الأرض إجلالا أن يداس لننوهن باسمك في الدنيا والآخرة .

                                                                          وقال أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق المعروف بابن [ ص: 104 ] السماك ، عن الحسن بن عمرو الشيعي المروزي سمعت بشرا وجاؤوا إليه أصحاب الحديث يوما وأنا حاضر ، فقال لهم بشر : ما هذا الذي أرى معكم قد أظهرتموه ، قالوا : يا أبا نصر نطلب هذه العلوم لعل الله ينفع بها يوما ، قال : علمتم أنه تجب عليكم فيها زكاة كما تجب على أحدكم إذا ملك مائتي درهم خمسة دراهم فكذلك يجب على أحدكم إذا سمع مائتي حديث أن يعمل منها بخمسة أحاديث ، وإلا فانظروا أيش يكون عليكم هذا غدا .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو العز الشيباني ، عن أبي اليمن الكندي ، عن أبي منصور القزاز ، عن أبي بكر بن ثابت الحافظ ، عن أبي الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، عن ابن السماك .

                                                                          رواه أبو بكر البيهقي ، عن ابن بشران ، وقال : لعله أراد من الأحاديث التي وردت في الترغيب في النوافل ، وأما في الواجبات فيجب العمل بجميعها .

                                                                          وبه : قال أبو بكر بن ثابت أخبرني أبو القاسم الأزهري ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن علي بن النضر الديباجي ، قال : حدثنا أبو عبيد الله أحمد بن عمرو بن عثمان المعدل بواسط ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي سعد ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن علوان ، قال : قلت لبشر بن الحارث : لم لا تحدث ؟ قال : أنا [ ص: 105 ] أشتهي أحدث ، وإذا اشتهيت شيئا تركته .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي ، قال : حدثنا أحمد بن بشر المرثدي ، قال : حدثنا إبراهيم بن هاشم ، قال : دفنا لبشر بن الحارث ثمانية عشر ما بين قمطر وقوصرة . يعني : حديثا .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا علي بن محمد المعدل ، قال : أخبرنا عثمان بن أحمد ، قال : حدثنا الحسن بن عمرو ، قال : سمعت بشرا يقول : ربما وقع في يدي الشيء أريد أخرجه فلا يصح لي . يعني : من الحديث .

                                                                          وقال : ليس ينبغي لأحد أن يحدث حتى يصح له فمن زعم أنه قد صحح قلنا : أنت ضعيف .

                                                                          وقال : لا أعلم شيئا أفضل منه إذا أريد به الله عز وجل . يعني : طلب العلم .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ ، قال : حدثنا إسماعيل بن علي الخطبي ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : سمعت أبي وذكر بشر بن الحارث ، فقال : إني لأذكر به عامر بن عبد الله ، يعني : ابن عبد قيس .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو بكر البرقاني ، قال : أخبرنا محمد بن العباس ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الزهري ، قال : حدثنا أبو العباس البراثي ، قال : أخبرني المروذي ، قال : لما قيل لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : مات بشر بن الحارث ، قال : [ ص: 106 ] مات رحمه الله وما له نظير في هذه الأمة إلا عامر بن عبد قيس ، فإن عامرا مات ولم يترك شيئا ، ثم قال : لو تزوج كان قد تم أمره .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبان الهيتي ، قال : حدثنا أحمد بن سلمان النجاد ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن شبيب ، قال : سمعت أحمد بن محمد يقول : سمعت يحيى بن أكثم يقول : ما بلغنا عن عامر بن عبد قيس إلا وفي بشر بن الحارث مثله أو أكثر منه إلا أن يكون كان في قلب عامر شيء ليس في قلب بشر مثله .

                                                                          وبه ، قال : أخبرني الأزهري ، قال : أخبرنا عمر بن أحمد بن هارون المقرئ أن أبا الحسن بن دليل حدثه ، قال : سمعت إبراهيم الحربي يقول : قد رأيت رجالات الدنيا لم أر مثل ثلاثة : رأيت أحمد بن حنبل وتعجز النساء أن تلد مثله ورأيت بشر بن الحارث من قرنه إلى قدمه مملوءا عقلا ورأيت أبا عبيد القاسم بن سلام كأنه جبل نفخ فيه علم . قال عمر بن أحمد : إبراهيم رأى الثلاثة ولم يحدث إلا عن أحمد .

                                                                          وبه ، قال : أخبرني الأزهري ، قال : حدثنا عبيد الله بن إبراهيم القزاز ، قال : حدثنا جعفر الخلدي ، قال : حدثني أبو حامد أحمد بن خالد الحذاء ، قال : سمعت إبراهيم الحربي يقول : ما أخرجت بغداد أتم عقلا ولا أحفظ للسانه من بشر بن الحارث ، كان في كل شعره عقل ووطئ الناس عقبه خمسين [ ص: 107 ] سنة ما عرف له غيبة لمسلم لو قسم عقله على أهل بغداد صاروا عقلاء وما نقص من عقله شيء .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي ، قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك ، قال : حدثنا العباس بن يوسف الشكلي ، قال : حدثني أبو عبد الله الأسدي ، قال : قال لي بشر بن الحارث يوما :

                                                                          قطع الليالي مع الأيام في خلق والنوم تحت رواق الهم والقلق     أحرى وأعذر لي من أن يقال غدا
                                                                          إني التمست الغنى من كف مختلق     قالوا رضيت بذا قلت القنوع غنى
                                                                          ليس الغنى كثرة الأموال والورق     رضيت بالله في عسري وفي يسري
                                                                          فلست أسلك إلا أوضح الطرق



                                                                          وبه ، قال : أخبرني عبد الله بن يحيى السكري ، قال : حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الصواف ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبو حفص عمر ابن أخت بشر بن الحارث ، قال : حدثتني أمي ، قالت : جاء رجل إلى الباب فدقه فأجابه بشر : من هذا ؟ قال : أريد بشرا ، فخرج إليه ، فقال : حاجتك عافاك الله ؟ فقال له : أنت بشر ، قال : نعم ، قال : حاجتك ؟ قال : إني رأيت رب العزة في المنام ، وهو يقول لي : [ ص: 108 ] اذهب إلى بشر فقل له : يا بشر ، لو سجدت لي على الجمر ما أديت شكري فيما قد بثثت لك أو نشرت لك في الناس ، فقال له : أنت رأيت هذا ؟ فقال : نعم ، رأيته ليلتين متوالية ، فقال : لا تخبر به أحدا ، ثم دخل وولى وجهه إلى القبلة وجعل يبكي ويضطرب ، ويقول : اللهم إن كنت شهرتني في الدنيا ونوهت باسمي ورفعتني فوق قدري على أن تفضحني في القيامة الآن فعجل عقوبتي وخذ مني بقدر ما يقوى عليه بدني .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ ، قال : حدثنا إسماعيل بن علي الخطبي ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : قلت لأبي يوم مات بشر بن الحارث : مات بشر ، فقال : رحمه الله لقد كان في ذكره أنس ، أو فيه أنس ، ثم لبس رداءه وخرج وخرجت معه فشهد جنازته .

                                                                          قال عبد الله بن أحمد : مات بشر سنة سبع وعشرين ، يعني : ومائتين ، قبل المعتصم بستة أيام .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطي ، قال : حدثنا محمد بن يوسف بن يعقوب الرقي ، قال : حدثنا أبو الفتح محمد بن أحمد النحوي بالرملة ، قال : سمعت الحسين بن أحمد بن صدقة الفرائضي يقول : سمعت أحمد بن زهير يقول : سمعت يحيى بن عبد الحميد الحماني يقول : رأيت أبا نصر التمار ، وعلي بن المديني في جنازة بشر بن الحارث يصيحان في الجنازة : هذا ، والله شرف الدنيا قبل شرف الآخرة ، وذلك أن بشر بن الحارث أخرجت جنازته [ ص: 109 ] بعد صلاة الصبح ولم يحصل في القبر إلا في الليل وكان نهارا صيفا ، والنهار فيه طول ، ولم يستقر في القبر إلى العتمة .

                                                                          وبه ، قال : أخبرني الأزهري ، قال : حدثنا أحمد بن منصور الوراق ، قال : حدثنا محمد بن مخلد ، قال : حدثني أبو حفص عمر بن سليمان المؤدب ، قال : حدثني أبو حفص ابن أخت بشر بن الحارث ، قال : كنت أسمع الجن تنوح على خالي في البيت الذي كان يكون فيه غير مرة ، سمعت الجن تنوح عليه .

                                                                          وبه ، قال : أخبرني الحسن بن علي التميمي ، قال : حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد الواعظ ، قال : حدثنا أبو شجاع المروزي أو غيره - الشك من أبي حفص - قال : حدثنا القاسم بن منبه ، قال : رأيت بشر بن الحارث في النوم ، فقلت : ما فعل الله بك يا بشر ، قال : قد غفر لي ، وقال لي : يا بشر قد غفرت لك ولكل من تبع جنازتك ، فقلت : يا رب ولكل من أحبني ، قال : ولكل من أحبك إلى يوم القيامة .

                                                                          إلى هنا ، عن أبي بكر بن ثابت ، عن شيوخه .

                                                                          وقال أبو حسان الزيادي : مات بشر بن الحارث عشية الأربعاء لعشر بقين من ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين ، وقد بلغ من السن خمسا وسبعين سنة ، وحشد الناس لجنازته .

                                                                          وقد تقدم قول محمد بن سعد في تاريخ وفاته ومبلغ سنه ، ومناقبه وفضائله كثيرة جدا لو ذهبنا نستقصيها لطال الكتاب ، وفيما ذكرنا كفاية وبالله التوفيق .

                                                                          [ ص: 110 ] روى له أبو داود في كتاب المسائل ، والنسائي في مسند علي .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية