الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          886 - ( عس ) : جارية بن قدامة بن زهير ، ويقال : ابن مالك بن زهير بن الحصين بن رذاح بن أبي سعد واسمه أسعد بن بجير بن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم التميمي السعدي أبو أيوب . وقيل : أبو قدامة . وقيل : أبو يزيد البصري . مختلف في صحبته . قيل : إنه عم الأحنف بن قيس .

                                                                          روى عن : النبي صلى الله عليه وسلم حديث " لا تغضب " . وقيل : عن عم له ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن علي بن أبي طالب ( عس ) ، [ ص: 481 ] وشهد معه صفين أميرا على بني تميم .

                                                                          روى عنه : الأحنف بن قيس التميمي ، والحسن البصري ( عس ) .

                                                                          قال أحمد بن عبد الله العجلي : بصري تابعي ثقة .

                                                                          وقال أبو أحمد العسكري : تميمي شريف لحق النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه ، ثم صحب أمير المؤمنين عليا وكان يقال له محرق لأنه أحرق ابن الحضرمي بالبصرة وكان ابن الحضرمي وجه به معاوية إلى البصرة ينعى قتل عثمان واستنفر أهل البصرة على قتال علي ، فوجه علي جارية بن قدامة إليه فتحصن عنه ابن الحضرمي بدار يعرف بدار سينيل فأضرم جارية الدار عليه فاحترقت بمن فيها ، وكان جارية شجاعا مقداما فاتكا .

                                                                          وقال محمد بن سعد في تسمية من نزل البصرة من الصحابة : جارية بن قدامة السعدي وله أخبار ومشاهد كان مع علي بن أبي طالب بعثه إلى البصرة وبها عبد الله بن عامر الحضرمي ، خليفة عبد الله بن عامر بن كريز ، فحاصروه في دار سينيل رجل من بني تميم ، وكان معاوية بعثه إلى البصرة يتابع له .

                                                                          وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني أبو عثمان القرشي ، وهو سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ، قال : حدثنا عبد الملك بن عمير ، قال : قدم جارية بن قدامة [ ص: 482 ] السعدي على معاوية ، ومع معاوية على سريره الأحنف بن قيس ، والحباب المجاشعي ، فقال له معاوية : من أنت ؟ قال : جارية بن قدامة ، قال : وكان قليلا ، قال : وما عسيت أن تكون ، هل أنت إلا نحلة ؟! قال : لا تفعل يا أمير المؤمنين ، فقد شبهتني بها حامية اللسعة حلوة البساق ، والله ما معاوية إلا كلبة تعاوي الكلاب ، وما أمية إلا تصغير أمة ! قال معاوية : لا تفعل ، قال : إنك فعلت ، قال : ادن فاجلس معي على السرير ، قال : لا ، قال : لم ؟ قال : رأيت هذين قد أماطاني عن مجلسك ، فلم أكن لأشركهما ، قال : ادن أسارك ، فدنا ، قال : إني اشتريت من هذين دينهما ، قال : ومني ، فاشتر يا أمير المؤمنين ، قال : لا تجهر !

                                                                          قال : وأخبرني محمد بن صالح القرشي ، عن علي بن محمد القرشي ، عن مسلمة ، وهو ابن محارب ، عن الفضل بن سويد ، قال : وفد الأحنف بن قيس وجارية بن قدامة ، والحباب بن يزيد المجاشعي على معاوية ، فقال لجارية : يا جارية ، أنت الساعي مع علي بن أبي طالب ، والموقد النار في شعلك تجوس قرى عربية تسفك دماءهم ؟! قال جارية : يا معاوية ، دع عنك عليا فما أبغضنا عليا مذ أحببناه ولا غششناه مذ نصحناه ، قال : ويحك يا جارية ، ما كان أهونك على أهلك ، إذ سموك جارية ، قال : أنت يا معاوية كنت أهون على أهلك إذ سموك معاوية ، قال : لا أم لك ، قال : أم ما ولدتني ، إن قوائم السيوف التي لقيناك بها بصفين في أيدينا ، قال : إنك لتهددني ، قال : إنك لم تملكنا قسرة ولم تفتحنا عنوة ، ولكن أعطيتنا عهودا ومواثيق ، فإن وفيت لنا وفينا لك ، وإن نزعت إلى غير ذلك فقد تركنا وراءنا رجالا مدادا وأذرعا شدادا ، [ ص: 483 ] وأسنة حدادا فإن بسطت إلينا فترا من غدر دلفنا إليك بباع من ختر ، قال معاوية : لا كثر الله في الناس أمثالك ، قال : قل معروفا يا أمير المؤمنين فقد بلونا قريشا فوجدناك أوراها زندا وأكثرها رفدا ، فأرعنا رويدا فإن شر الرعاء الحطمة .

                                                                          وقال أبو بكر بن الأنباري : أخبرني أبي ، عن أحمد بن عبيد ، قال : بينا الأحنف بن قيس في الجامع بالبصرة إذا رجل قد لطمه فأمسك الأحنف يده على عينيه ، وقال : ما شأنك ، فقال : اجتعلت جعلا على أن ألطم سيد بني تميم ، فقال : لست سيدهم ، إنما سيدهم جارية بن قدامة وكان جارية في المسجد فذهب الرجل فلطمه ، قال : فأخرج جارية من خفه سكينا فقطع يده وناوله ، فقال له الرجل : ما أنت قطعت يدي إنما قطعها الأحنف بن قيس .

                                                                          روى له النسائي في مسند علي حديث : " أرأيت هذا الأمر الذي أنت عليه ، أشيء عهده إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم .. " الحديث .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية