الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          917 - ( ع ) : جرير بن عبد الله بن جابر ، وهو السليل بن مالك بن نصر بن ثعلبة بن جشم بن عويف بن خزيمة بن حرب بن علي بن مالك بن سعد بن مالك بن نذير بن قيس .

                                                                          وقيل : جرير بن عبد الله بن مالك بن نصر بن ثعلبة بن جشم بن عويف بن سليل بن خزيمة بن يشكر بن علي بن مالك بن زيد بن قيس ، وهو مالك بن عبقر بن أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن [ ص: 534 ] قحطان ، البجلي القسري ، أبو عمرو ، وقيل : أبو عبد الله اليماني ، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ، وبجيلة هي بنت صعب بن سعد العشيرة ، أم ولد أنمار بن أراش نسبوا إليها .

                                                                          روى عن : النبي صلى الله عليه وسلم ( ع ) ، وعن عمر بن الخطاب ( تم ) ، ومعاوية بن أبي سفيان ( م ت س ) .

                                                                          روى عنه : ابنه إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي ( س ق ) ، وقيل : لم يسمع منه . وأنس بن مالك ( خ م ) وابنه أيوب بن جرير بن عبد الله البجلي ، وأبو ظبيان حصين بن جندب الجنبي ( خ م ) ، وزاذان الكندي ( ق ) ، وزياد بن علاقة ( خ م س ) ، وزيد بن وهب الجهني ( خ م ) ، وأبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي ( س ) ، وشهر بن حوشب ( ت ) ، والضحاك بن المنذر ( س ) ، وعامر بن سعد البجلي ( م ت ) ، وعامر بن شراحيل الشعبي ( ع ) ، وعبد الرحمن بن هلال العبسي ( بخ م د س ق ) ، وابنه عبيد الله بن جرير بن عبد الله البجلي ( ق ) ، وقيس بن أبي حازم ( ع ) ، والمغيرة بن شبيل ( س ) ، وابنه المنذر بن جرير بن عبد الله البجلي ( م د س ق ) ، ونافع بن جبير بن مطعم ( م ) ، والنعمان بن مرة الزرقي ( مد ) وهمام بن الحارث ( خ م ت س ق ) ، وأبو إسحاق السبيعي ( س ) ، وابن ابنه أبو زرعة بن عمرو بن جرير ( ع ) ، وأبو نخيلة البجلي ( س ) .

                                                                          [ ص: 535 ] ذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة ، قال : وقال محمد بن عمر : لم يزل جرير معتزلا لعلي ومعاوية بالجزيرة ونواحيها ، حتى توفي بالسراة في ولاية الضحاك بن قيس على الكوفة ، وكانت ولايته سنتين ونصفا بعد زياد بن أبي سفيان .

                                                                          وذكره في موضع آخر فيمن نزل الكوفة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ابتنى بها دارا في بجيلة ، وكان إسلامه في السنة التي توفي فيها النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                          وقال أحمد بن عبد الله بن البرقي يقال : إنه أسلم في رمضان سنة عشر ، وكان قد انتقل من الكوفة إلى قرقيسيا وقال : لا أقيم ببلدة يشتم فيها عثمان .

                                                                          وقال أبو بكر الخطيب : أسلم في السنة التي توفي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي سنة عشر من الهجرة ، في شهر رمضان منها ، وكان سيدا في قومه ، وبسط له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبا ليجلس عليه وقت مبايعته له ، وقال لأصحابه : " إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه " ، ووجهه إلى الخلصة ، طاغية دوس ، فهدمها ودعا له حين بعثه .

                                                                          [ ص: 536 ] إليها ، وشهد جرير مع المسلمين يوم المدائن ، وله فيها أخبار مأثورة ، ذكرها أهل السيرة ، ولما مصرت الكوفة نزلها ، فمكث بها إلى خلافة عثمان ، ثم بدت الفتنة ، وانتقل إلى قرقيسيا ، فسكنها إلى أن مات ودفن بها .

                                                                          وقال يونس بن أبي إسحاق ، عن المغيرة بن شبيل : قال جرير : لما دنوت من المدينة ، أنخت راحلتي ، ثم حللت عيبتي ، ثم لبست حلتي ، ثم دخلت المسجد ، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فرماني الناس بالحدق ، قال : فقلت لجليسي : يا عبد الله ، هل ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمري شيئا ؟ قال : نعم ، ذكرك بأحسن الذكر ، بينما هو يخطب ، إذ عرض له في خطبته فقال : إنه سيدخل عليكم من هذا الفج من خير ذي يمن ، ألا وإن على وجهه مسحة ملك . قال جرير : فحمدت الله عز وجل .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة ، وأبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن البخاري المقدسيان ، وأبو الغنائم المسلم بن محمد بن علان القيسي ، وأبو العباس أحمد بن شيبان بن تغلب الشيباني ، قالوا : أخبرنا أبو علي حنبل بن عبد الله الرصافي ، قال : أخبرنا أبو القاسم بن الحصين الشيباني ، قال : أخبرنا أبو علي بن المذهب التميمي ، قال : أخبرنا أبو بكر بن مالك القطيعي ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا إسحاق بن يوسف ، قال : حدثنا [ ص: 537 ] يونس .. فذكره .

                                                                          رواه النسائي ، عن محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ، وأبي عمار الحسين بن حريث ، عن الفضل بن موسى ، عن يونس .

                                                                          وبه حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا ابن أبي خالد ، عن قيس ، عن جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال له ألا تريحني من ذي الخلصة بيت خثعم كان يعبد في الجاهلية يسمى كعبة اليمانية ، قال فخربناه أو حرقناه حتى تركناه كالجمل الأجرب ، قال : ثم بعث جرير إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبشره بذلك ، قال فلما جاءه ، قال : والذي بعثك بالحق يا رسول الله ما جئتك حتى تركناه كالجمل الأجرب ، قال فبرك على أحمس ، وعلى خيلها ، ورجالها خمس مرات ، قال : قلت : يا رسول الله إني رجل لا أثبت على الخيل فوضع يده على وجهي حتى وجدت بردها وقال : اللهم اجعله هاديا مهديا .

                                                                          رواه مسلم ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع وأخرجاه ، وأبو داود ، والنسائي من أوجه ، عن إسماعيل بن أبي خالد .

                                                                          وقال إسحاق بن شاهين : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن بيان بن بشر ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : ، قال جرير بن عبد الله : ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا ضحك .

                                                                          [ ص: 538 ] أخبرنا بذلك أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن عباس بن الفاقوسي ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل بن الحرستاني الأنصاري ، قال : أنبأنا أبو محمد إسماعيل بن أبي القاسم بن أبي بكر القارئ إجازة ، قال : أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن مسرور الزاهد ، قال : حدثنا أبو أحمد التميمي ، قال : أخبرنا محمد بن المسيب ، قال : حدثنا أبو بشر إسحاق بن شاهين بن الحارث الواسطي.. فذكره .

                                                                          رواه البخاري ، عن إسحاق بن شاهين فوافقناه فيه بعلو وأخرجاه ، والترمذي ، والنسائي وابن ماجه من حديث إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم .

                                                                          وقال بيان ، عن قيس ، عن جرير : عرضت بين يدي عمر بن الخطاب فألقى جرير رداءه ومشى في إزار ، فقال له : خذ رداءك ، فقال عمر للقوم : ما رأيت رجلا أحسن من صورة جرير إلا ما بلغنا من صورة يوسف عليه السلام .

                                                                          وقال عبد الملك بن عمير : حدثني إبراهيم بن جرير أن عمر بن الخطاب ، قال : إن جريرا يوسف هذه الأمة .

                                                                          وقال أبو عثمان مولى آل عمرو بن حريث ، عن عبد الملك بن عمير : رأيت جرير بن عبد الله وكأن وجهه شقة قمر .

                                                                          وقال سفيان بن عيينة : حدثني ابن لجرير بن عبد الله ، قال [ ص: 539 ] كان نعل جرير بن عبد الله طولها ذراع .

                                                                          وقال خالد بن عمرو الأموي ، عن مالك بن مغول ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن جرير : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تأتيه وفود العرب فيبعث إلي فألبس حلتي ، ثم أجيء فيتباهى بي .

                                                                          وقال مغيرة ، عن الشعبي : كان عمر في بيت ومعه جرير بن عبد الله فوجد عمر ريحا ، فقال عزمت على صاحب هذه الريح لما قام فتوضأ ، قال جرير : أويتوضأ القوم جميعا ؟ فقال : يرحمك الله نعم السيد كنت في الجاهلية ونعم السيد أنت في الإسلام .

                                                                          وقال الواقدي : حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده جرير أن عمر بن الخطاب ، قال له ، والناس يتحامون العراق وقتال الأعاجم : سر بقومك فما غلبت عليه فلك ربعه فلما جمعت الغنائم غنائم جلولاء ادعى جرير أن له ربع ذلك كله فكتب سعد إلى عمر بن الخطاب فكتب عمر صدق جرير قد قلت ذلك له فإن شاء أن يكون قاتل هو وقومه على جعل فأعطوه جعله ، وإن يكن إنما قاتل لله ، ولدينه ، وحسبه ، فهو رجل من المسلمين له ما لهم ، وعليه ما عليهم وكتب عمر بذلك إلى سعد فلما قدم الكتاب على سعد دعا جريرا فأخبره ما كتب به إليه عمر ، فقال جرير : صدق أمير المؤمنين لا حاجة لي به بل أنا رجل من المسلمين لي ما [ ص: 540 ] لهم ، وعلي ما عليهم .

                                                                          وقال عبد الله بن عياش المنتوف : جرير بن عبد الله ذهبت عينه بهمذان حيث وليها في زمان عثمان بن عفان .

                                                                          وقال محمد بن سلام الجمحي : قال جرير بن عبد الله البجلي : وسأله رجل حاجة فقضاها فعاتبه بعض أهله ، فقال المال ودائع الله في الدنيا ونحن وكلاؤها فمن غرثان نشبعه ، ومن ظمآن نرويه .

                                                                          قال أبو الحسن المدائني ، والهيثم بن عدي وخليفة بن خياط : مات سنة إحدى وخمسين .

                                                                          وقال هشام بن محمد بن الكلبي : مات سنة أربع وخمسين .

                                                                          وكذلك حكي ، عن علي بن المديني .

                                                                          وقال أبو نعيم الحافظ : توفي سنة ست وخمسين وقيل : سنة أربع .

                                                                          روى له الجماعة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية