باب العين واللام وما يثلثهما
( علم ) العين واللام والميم أصل صحيح واحد ، يدل على أثر بالشيء يتميز به عن غيره .
من ذلك العلامة ، وهي معروفة . يقال : علمت على الشيء علامة . ويقال : أعلم الفارس ، إذا كانت له علامة في الحرب . وخرج فلان معلما بكذا . والعلم : الراية ، والجمع أعلام . والعلم : الجبل ، وكل شيء يكون معلما : خلاف المجهل . وجمع العلم أعلام أيضا . قالت
الخنساء :
وإن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
والعلم : الشق في الشفة العليا ، والرجل أعلم . والقياس واحد ، لأنه كالعلامة
[ ص: 110 ] بالإنسان . والعلام فيما يقال : الحناء; وذلك أنه إذا خضب به فذلك كالعلامة . والعلم : نقيض الجهل ، وقياسه قياس العلم والعلامة ، والدليل على أنهما من قياس واحد قراءة بعض القراء : " وإنه لعلم للساعة " ، قالوا : يراد به نزول
عيسى - عليه السلام - ، وإن بذلك يعلم قرب الساعة . وتعلمت الشيء ، إذا أخذت علمه . والعرب تقول : تعلم أنه كان كذا ، بمعنى اعلم . قال
قيس بن زهير :
تعلم أن خير الناس حيا على جفر الهباءة لا يريم
والباب كله قياس واحد .
ومن الباب العالمون ، وذلك أن كل جنس من الخلق فهو في نفسه معلم وعلم . وقال قوم : العالم سمي لاجتماعه . قال الله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45والحمد لله رب العالمين ، قالوا : الخلائق أجمعون . وأنشدوا :
ما إن رأيت ولا سمع ت بمثلهم في العالمينا
وقال في العالم :
فخندف هامة هذا العالم
[ ص: 111 ] والذي قاله القائل في أن في ذلك ما يدل على الجمع والاجتماع فليس ببعيد ، وذلك أنهم يسمون العيلم ، فيقال إنه البحر ، ويقال إنه البئر الكثيرة الماء .
بَابُ الْعَيْنِ وَاللَّامِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا
( عَلَمَ ) الْعَيْنُ وَاللَّامُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ ، يَدُلُّ عَلَى أَثَرٍ بِالشَّيْءِ يَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ .
مِنْ ذَلِكَ الْعَلَامَةُ ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ . يُقَالُ : عَلَّمْتُ عَلَى الشَّيْءِ عَلَامَةً . وَيُقَالُ : أَعْلَمَ الْفَارِسُ ، إِذَا كَانَتْ لَهُ عَلَامَةٌ فِي الْحَرْبِ . وَخَرَجَ فُلَانٌ مُعْلِمًا بِكَذَا . وَالْعَلَمُ : الرَّايَةُ ، وَالْجَمْعُ أَعْلَامٌ . وَالْعَلَمُ : الْجَبَلُ ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ مَعْلَمًا : خِلَافُ الْمَجْهَلِ . وَجَمْعُ الْعَلَمِ أَعْلَامٌ أَيْضًا . قَالَتِ
الْخَنْسَاءُ :
وَإِنَّ صَخْرًا لَتَأْتَمُّ الْهُدَاةُ بِهِ كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ
وَالْعَلَمُ : الشَّقُّ فِي الشَّفَةِ الْعُلْيَا ، وَالرَّجُلُ أَعْلَمُ . وَالْقِيَاسُ وَاحِدٌ ، لِأَنَّهُ كَالْعَلَامَةِ
[ ص: 110 ] بِالْإِنْسَانِ . وَالْعُلَّامُ فِيمَا يُقَالُ : الْحِنَّاءُ; وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا خُضِّبَ بِهِ فَذَلِكَ كَالْعَلَامَةِ . وَالْعِلْمُ : نَقِيضُ الْجَهْلِ ، وَقِيَاسُهُ قِيَاسُ الْعَلَمِ وَالْعَلَامَةِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ قِيَاسٍ وَاحِدٍ قِرَاءَةُ بَعْضِ الْقُرَّاءِ : " وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ " ، قَالُوا : يُرَادُ بِهِ نُزُولُ
عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، وَإِنَّ بِذَلِكَ يُعْلَمُ قُرْبُ السَّاعَةِ . وَتَعَلَّمْتُ الشَّيْءَ ، إِذَا أَخَذْتُ عِلْمَهُ . وَالْعَرَبُ تَقُولُ : تَعَلَّمْ أَنَّهُ كَانَ كَذَا ، بِمَعْنَى اعْلَمْ . قَالَ
قَيْسُ بْنُ زُهَيْرٍ :
تَعَلَّمْ أَنَّ خَيْرَ النَّاسِ حَيَّا عَلَى جَفْرِ الْهَبَاءَةِ لَا يَرِيمُ
وَالْبَابُ كُلُّهُ قِيَاسٌ وَاحِدٌ .
وَمِنَ الْبَابِ الْعَالَمُونَ ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ جِنْسٍ مِنَ الْخَلْقِ فَهُوَ فِي نَفْسِهِ مَعْلَمٌ وَعَلَمٌ . وَقَالَ قَوْمٌ : الْعَالَمُ سُمِّيَ لِاجْتِمَاعِهِ . قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، قَالُوا : الْخَلَائِقُ أَجْمَعُونَ . وَأَنْشَدُوا :
مَا إِنْ رَأَيْتُ وَلَا سَمِعْ تُ بِمَثَلِهِمْ فِي الْعَالَمِينَا
وَقَالَ فِي الْعَالَمِ :
فَخِنْدِفٌ هَامَّةُ هَذَا الْعَالَمِ
[ ص: 111 ] وَالَّذِي قَالَهُ الْقَائِلُ فِي أَنَّ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ وَالِاجْتِمَاعِ فَلَيْسَ بِبَعِيدٍ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُسَمُّونَ الْعَيْلَمَ ، فَيُقَالُ إِنَّهُ الْبَحْرُ ، وَيُقَالُ إِنَّهُ الْبِئْرُ الْكَثِيرَةُ الْمَاءِ .