الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عقم ) العين والقاف والميم أصل واحد يدل على غموض وضيق وشدة . من ذلك قولهم حرب عقام وعقام : لا يلوي فيها أحد على أحد لشدتها . وداء عقام : لا يبرأ منه .

                                                          ومن الباب قولهم : رجل عقام ، وهو الضيق الخلق . قال :


                                                          أنت عقام لا يصاب له هوى وذو همة في المطل وهو مضيع



                                                          ومن الباب عقمت الرحم عقما ، وذلك هزمة تقع في الرحم فلا تقبل الولد . ويقال : عقمت المرأة وعقمت ، وهي أجودهما . وفي الحديث : تعقم أصلاب المنافقين فلا يقدرون على السجود ، والمعنى يبس مفاصلهم . ويقال رجل عقيم ، ورجال عقماء ، ونسوة معقومات وعقائم وعقم .

                                                          قال أبو عمرو : عقمت المرأة ، إذا لم تلد . قال ابن الأعرابي : عقمت المرأة عقما ، وهي معقومة وعقيم ، وفي الرجل أيضا عقم فهو عقيم ومعقوم . وربما قالوا : عقمت فلانة ، أي سحرتها حتى صارت معقومة الرحم لا تلد .

                                                          [ ص: 76 ] قال الخليل : عقل عقيم ، للذي لا يجدي على صاحبه شيئا .

                                                          ويروى أن العقل عقلان : فعقل عقيم ، وهو عقل صاحب الدنيا; وعقل مثمر ، وهو عقل [ صاحب ] الآخرة .

                                                          ويقال : الملك عقيم ، وذلك أن الرجل يقتل أباه على الملك ، والمعنى أنه يسد باب المحافظة على النسب . والدنيا عقيم : لا ترد على صاحبها خيرا . والريح العقيم . التي لا تلقح شجرا ولا سحابا . قال الله - تعالى - : وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ، قيل : هي الدبور . قال الكسائي : يقال عقمت عليهم الريح تعقم عقما . والعقيم من الأرض : ما اعتقمتها فحفرتها . قال :


                                                          تزود منا بين أذناه ضربة     دعته إلى هابي التراب عقيم



                                                          قال الخليل : الاعتقام : الحفر في جوانب البئر . قال ربيعة بن مقروم :


                                                          وماء آجن الجمات قفر     تعقم في جوانبه السباع

                                                          وإنما قيل لذلك اعتقام لأنه في الجانب ، وذلك دليل الضيق الذي ذكرناه .

                                                          ومن الباب : المعاقم : المخاصم ، والوجه فيه أنه يضيق على صاحبه بالكلام .

                                                          وكان الشيباني يقول : هذا كلام عقمي ، أي إنه من كلام الجاهلية لا يعرف . وزعم أنه سأل رجلا من هذيل يكنى أبا عياض ، عن حرف من غريب هذيل ، فقال :

                                                          [ ص: 77 ] هذا كلام عقمي ، أي من كلام الجاهلية لا يتكلم به اليوم . ويقولون : إن الحاجز بين التبن والحب إذا ذري الطعام معقم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية