الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عسل ) العين والسين واللام ، الصحيح في هذا الباب أصلان ، وبعدهما كلمات إن صحت . فالأول [ من ] الأصلين دال على الاضطراب ، والثاني طعام حلو ، ويشتق منه . فالطعام العسل ، معروف . والعسالة : التي يتخذ فيها النحل العسل . والعاسل : صاحب العسل الذي يشتاره من موضعه يستخرجه . وقال :


                                                          وأري دبور شاره النحل عاسل



                                                          وعسل النحل تعسيلا . وفي تأنيث العسل قال :


                                                          بها عسل طابت يدا من يشورها



                                                          ومما حمل على هذا العسيلة . وفي الحديث : حتى يذوق عسيلتها وتذوق عسيلته إنما يراد به الجماع . ويقال خلية عاسلة ، وجنح عاسل ، أي كثير العسل . والجنح : شق في الجبل . وقال الهذلي :

                                                          [ ص: 314 ]

                                                          تنمى بها اليعسوب حتى أقرها     إلى مألف رحب المباءة عاسل



                                                          ويقال للذي يشتاره : عاسل . وفي الحديث : إذا أراد الله بعبد خيرا عسله ، وهو من هذا ، ومعناه طيب ذكره وحلاه في قلوب الناس بالصالح من العمل . من قولك عسلت الطعام ، أي جعلت فيه عسلا . وفلان معسول الخلق ، أي طيبه . وعسلت فلانا : جعلت زاده العسل . والعرب تقول : " فلان ما يعرف له مضرب عسلة " ، أي لا يعرف له أصل . ومثله " لا يعرف له منبض عسلة " .

                                                          والأصل الثاني : العسلان ، وهو شدة اهتزاز الرمح إذا هززته . يقال : عسل يعسل عسلانا ، كما يعسل الذئب ، إذا مضى مسرعا . والذئب عاسل ، والجمع عسل وعواسل . ويقال رمح عسال . وقال :


                                                          كل عسال إذا هز عسل



                                                          وقال في الذئب :


                                                          عسلان الذئب أمسى قاربا     برد الليل عليه فنسل



                                                          وعسل الماء ، إذا ضربته الريح فاضطرب . وأنشد :


                                                          حوضا كأن ماءه إذا عسل



                                                          والدليل يعسل في المفازة ، إذا أسرع . وقال في ذلك :


                                                          عسلت بعيد النوم حتى تقطعت     نفانفها والليل بالقوم مسدف



                                                          [ ص: 315 ] وقال أبو عبيدة : يقال فرس عاسل ، إذا اضطربت معرفته في سيره ، وخفق رأسه واطرد متنه . هذا هو الصحيح غير المشكوك فيه ، ومما قاله وما ندري كيف صحته ، بل إلى البطلان أقرب : العسيل : قضيب الفيل . وزعموا أن العسيل مكنسة العطار يكسح بها الطيب . وينشدون :


                                                          كناحت يوما صخرة بعسيل



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية