الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عتر ) العين والتاء والراء أصل صحيح يدل على معنيين ، أحدهما الأصل والنصاب ، والآخر التفرق .

                                                          فالأول ما ذكره الخليل أن عتر كل شيء : نصابه . قال : وعترة المسحاة : خشبتها التي تسمى يد المسحاة . قال : ومن ثم قيل : عترة فلان ، أي منصبه . وقال أيضا : هم أقرباؤه ، من ولده وولد ولده وبني عمه . هذا قول الخليل في اشتقاق العترة ، وذكر غيره أن القياس في العترة ما نذكره من بعد .

                                                          والأصل الثاني : العتر ، قال قوم : هو الذي يقال له : المرزنجوش . قال : وهو لا ينبت إلا متفرقا . قال : وقياس عترة الإنسان من هذا ، لأنهم أقرباؤه متفرقي الأنساب ، هذا من أبيه وهذا من نسله كولده . وأنشد في العتر :

                                                          [ ص: 218 ]

                                                          فما كنت أخشى أن أقيم خلافهم لستة أبيات كما ينبت العتر



                                                          فهذا يدل على التفرق ، وهو وجه جميل في قياس العترة .

                                                          ومما يشبهه عتر المسك ، وهي حصاة تكون متفرقة فيه . ولعل عتر المسك أن تكون عربية صحيحة فإنها غير بعيدة مما ذكرناه ، ولم نسمعها من عالم .

                                                          ومن هذا الأصل قولهم : عتر الرمح فهو يعتر عترا وعترانا ، إذا اضطرب وترأد في اهتزاز . قال :


                                                          وكل خطي إذا هز عتر



                                                          وإنما قلنا إنه من الباب لأنه إذا هز خيل أنه تتفرق أجزاؤه . وهذا مشاهد ، فإن صح ما تأولناه وإلا فهو من باب الإبدال يكون من عسل ، وتكون التاء بدلا من السين والراء بدلا من اللام .

                                                          ومما يصلح حمله على هذا : العتيرة; لأن دمها يعتر ، أي يسال حتى يتفرق . قال الخليل : العاتر : الذي يعتر شاة فيذبحها ، كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية ، يذبحها ثم يصب دمها على رأس الصنم ، فتلك الشاة هي العتيرة والمعتورة ، والجمع عتائر . وكان بعضهم يقول : العتير هو الصنم الذي تعتر له العتائر في رجب . وأنشد لزهير :

                                                          [ ص: 219 ]

                                                          فزل عنها وأوفى رأس مرقبة     كمنصب العتر دمى رأسه النسك



                                                          فإن كان صحيحا هذا فهو من الباب الأول ، وقد أفصح الشاعر بقياسه حيث قال :


                                                          كمنصب العتر دمى رأسه النسك



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية