الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عرص ) العين والراء والصاد أصلان صحيحان : أحدهما يدل على إظلال شيء على شيء ، والآخر يدل على الاضطراب . وقد ذكر الخليل القياسين جميعا .

                                                          قال الخليل : العرص : خشبة توضع على البيت عرضا إذا أريد تسقيفه ، ثم يوضع عليها أطراف الخشب . تقول عرصت السقف تعريصا . وهذا الذي قاله [ ص: 268 ] الخليل صحيح ، إلا أن العرص إنما هو السقف بتلك الخشبة وسائر ما يتم به التسقيف .

                                                          وقال الخليل أيضا : العراص من السحاب : ما أظل من فوق فقرب حتى صار كالسقف ، لا يكون إلا ذا رعد وبرق . فقد قاس الخليل قياس ما ذكرناه من الإظلال في السقف والسحاب . وأنشد :


                                                          يرقد في ظل عراص ويطرده حفيف نافجة عثنونها حصب

                                                          ألا تراه جعل له ظلا .

                                                          والأصل الآخر الدال على الاضطراب . قال الخليل : العراص أيضا من السحاب : ما ذهبت به الريح وجاءت . قال : وأصل التعريص الاضطراب ، ومنه قيل : رمح عراص ، لاضطرابه إذا هز . قال أبو عمرو : ويقال ذلك في السيف أيضا ، وذلك لبريقه ولمعانه . ورمح عراص المهزة ، وبرق عراص . قال :

                                                          وكل غاد عرص التبوج

                                                          ومن الباب : عرصة الدار ، وهي وسطها ، والجمع عرصات وعراص . قال جميل :


                                                          وما يبكيك من عرصات دار     تقادم عهدها ودنا بلاها



                                                          ويقال : سميت عرصة لأنها كانت ملعبا للصبيان ومختلفا لهم يضطربون فيه كيف شاءوا . وكان الأصمعي يقول : كل جوبة منفتقة ليس فيها بناء فهي عرصة .

                                                          [ ص: 269 ] ومن الباب : العرص ، وهو النشاط ، يقال : عرص ، إذا أشر . قال : وتقول : حلبتها حلبا كعرص الهرة ، وهو أشرها ونشاطها ولعبها بيديها . واعترص مثل عرص . قال :


                                                          إذا اعترصت كاعتراص الهره     أوشكت أن تسقط في أفره

                                                          وقال أبو زيد : عرصت السماء تعرص عرصا ، إذا دام برقها . وباتت السماء عراصة . ويقال : غيث عراص ، أي لا يسكن برقه .

                                                          ومن الباب : عرص البيت . قال : هو من خبث الريح . وهذا مع خبث ريحه فإن الرائحة لا تثبت بمكان ، بل هي تضطرب . ومن ذلك لحم معرص ، قال قوم : هو الذي فيه نهوءة لم ينضج . وأنشد :


                                                          سيكفيك صرب القوم لحم معرص     وماء قدور في القصاع مشوب

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية