الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عش ) العين والشين أصل واحد صحيح ، يدل على قلة ودقة ، ثم يرجع إليه فروعه بقياس صحيح .

                                                          قال الخليل : العش : الدقيق عظام اليدين والرجلين ، وامرأة عشة . قال :


                                                          لعمرك ما ليلى بورهاء عنفص ولا عشة خلخالها يتقعقع

                                                          وقال العجاج :


                                                          أمر منها قصبا خدلجا     لا قفرا عشا ولا مهبجا



                                                          ويقال ناقة عشة : سقفاء القوائم ، فيها انحناء ، بينة العشاشة والعشوشة . ويقال : فلان في خلقته عشاشة ، أي قلة لحم وعوج عظام . ويقال تعشش النخل ، [ ص: 45 ] إذا يبس ، وهو بين التعشش والتعشيش . ويقال شجرة عشة ، أي قليلة الورق . وأرض عشة : قليلة الشجر .

                                                          قال الشيباني : العش من الدواب والناس : القليل اللحم ، ومن الشجر : ما كان على أصل واحد وكان فرعه قليلا وإن كان أخضر .

                                                          قال الخليل : العشة : شجرة دقيقة القضبان ، متفرقة الأغصان ، والجمع عشات . قال جرير :


                                                          فما شجرات عيصك في قريش     بعشات الفروع ولا ضواح



                                                          ويقال عش الرجل القوم ، إذا أعطاهم شيئا نزرا . وعطية معشوشة ، أي قليلة . قال :


                                                          حارث ما سجلك بالمعشوش     ولا جدا وبلك بالطشيش



                                                          وقال آخر يصف القطا :


                                                          يسقين لا عشا ولا مصردا



                                                          أي لا مقللا .

                                                          قال ابن الأعرابي : قالت امرأة من كنانة : " فقدناك فاعتششنا لك " ، أي دخلتنا من ذلك ذلة وقلة .

                                                          [ ص: 46 ] ومن هذا القياس العش للغراب على الشجرة وكذلك لغيره من الطير ، والجمع عششة . يقال اعتش الطائر يعتش اعتشاشا . قال :


                                                          بحيث يعتش الغراب البائض



                                                          إنما نعته بالبائض وهو ذكر لأن له شركة في البيض ، على قياس والد . قال أبو عمرو : وعشش الطائر : اتخذ عشا . وأنشد :


                                                          وفي الأشاء النابت الأصاغر     معشش الدخل والتمامر

                                                          قال أبو عبيد : تقول العرب : " ليس هذا بعشك فادرجي " ، يضرب مثلا لمن ينزل منزلا لا يصلح لمثله . وإنما قلنا إن هذا من قياس الباب لأن العش لا يكاد يعتشه الطائر إلا من دقيق القضبان والأغصان . و قال ابن الأعرابي : الاعتشاش : أن يمتار القوم ميرة ليست بالكثيرة .

                                                          ومن الباب ما حكاه الخليل : عشش الخبز ، إذا كرج . وقال غيره : عش فهو عاش ، إذا تغير ويبس . وعشش الكلأ : يبس . ويقال عششت الأرض : يبست .

                                                          ومما شذ عن هذا الأصل قولهم : أعششت القوم ، إذا نزلت بهم على كره حتى يتحولوا من أجلك . وأنشد :

                                                          [ ص: 47 ]

                                                          ولو تركت نامت ولكن أعشها     أذى من قلاص كالحني المعطف



                                                          ومن الأماكن التي لا تنقاس : أعشاش ، موضع بالبادية ، فيه يقول الفرزدق :


                                                          عزفت بأعشاش وما كدت تعزف     وأنكرت من حدراء ما كنت تعرف



                                                          وزعم ناس عن الليث قال : سمعت راوية الفرزدق ينشد : " بإعشاش " . وقال : الإعشاش : الكبر . يقول : عزفت بكبرك عمن تحب ، أي صرفت نفسك عنه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية