الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( فرط ) الفاء والراء والطاء أصل صحيح يدل على إزالة شيء من مكانه وتنحيته عنه . يقال فرطت عنه ما كرهه ، أي نحيته . قال :


                                                          فلعل بطأكما يفرط سيئا أو يسبق الإسراع خيرا مقبلا



                                                          فهذا هو الأصل ، ثم يقال أفرط ، إذا تجاوز الحد في الأمر . يقولون : إياك والفرط ، أي لا تجاوز القدر . وهذا هو القياس ، لأنه [ إذا ] جاوز القدر فقد أزال الشيء عن جهته . وكذلك التفريط ، وهو التقصير ، لأنه إذا قصر فيه فقد قعد به عن رتبته التي هي له .

                                                          ومن الباب الفرط والفارط : المتقدم في طلب الماء . ومنه يقال في الدعاء للصبي : " اللهم اجعله فرطا لأبويه " ، أي أجرا متقدما . وتكلم فلان فراطا ، إذا سبقت منه بوادر الكلام . ومن هذا الكلم : أفرط في الأمر : عجل . وأفرطت السحابة بالوسمي : عجلت به . وفرطت عنه الشيء : نحيته عنه . وفرس فرط : تسبق الخيل . والماء الفراط . الذي يكون لمن سبق إليه من الأحياء . وقال في الفرس الفرط :


                                                          فرط وشاحي إذ غدوت لجامها



                                                          وفراط القطا : متقدماتها إلى الوادي . وفراط القوم : متقدموهم . قال :


                                                          فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا     كما تعجل فراط لوراد



                                                          [ ص: 491 ] ويقولون : أفرطت القربة : ملأتها . والمعنى في ذلك أنه إذا ملأها فقد أفرط ، لأن الماء يسبق منها فيسيل . وغدير مفرط : ملآن . وأفرطت القوم ، إذا تقدمتهم وتركتهم وراءك . وقالوا في قوله - تعالى : وأنهم مفرطون : أي مؤخرون .

                                                          ويقولون : لقيته في الفرط بعد الفرط ، أي الحين بعد الحين . يقال : معناه ما فرط من الزمان . والفارطان : كوكبان أمام بنات نعش ، كأنها سميا بذلك لتقدمهما . وأفراط الصباح : أوائل تباشيره . ومنه الفرط ، أي العلم من أعلام الأرض يهتدى بها ، والجمع أفراط . وإياه أراد القائل بقوله :


                                                          أم هل سموت بجرار له لجب     جم الصواهل بين الجم والفرط



                                                          ويقال إنما هو الفرط ، والقياس واحد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية