الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عنك ) العين والنون والكاف أصلان : أحدهما لون من الألوان . والآخر ارتباك في الأمر واستغلاق في الشيء .

                                                          فالأول : العانك ، قال الخليل : هو لون من الحمرة; يقال دم عانك . قال :


                                                          أو عانك كدم الذبيح مدام



                                                          [ ص: 165 ] وغيره برواية : " أو عاتق " . وقال : عرق عانك ، إذا كان في لونه حمرة . قال ذو الرمة :


                                                          على أقحوان في حناديج حرة     يناصي حشاها عانك متكاوس


                                                          والأصل الآخر : المعتنك من الإبل : الذي إذا اشتد عليه الرمل برك وحبا عليه . قال :


                                                          أوديت إن لم تحب حبو المعتنك



                                                          قال ابن الأعرابي : يقال اعتنك البعير ، إذا مشى في رمل عانك ، أي كثير ، فهو لا يقدر على المشي فيه إلا أن يحبو . وأنشد هذا البيت . ومعناه : إن لم تحمل لي على نفسك حمل هذا البعير على نفسه في الرمل فقد هلكت .

                                                          ومن الباب العنك ، قال الخليل : وهو الباب . وقال ابن دريد : عنكت الباب وأعنكته ، أي أغلقته ، لغة يمانية . وهذا يصحح ما ذكرناه من قياس هذا الأصل الثاني .

                                                          ومما يقرب من هذا العنك من الليل ، وهي سدفة منه . وذلك أن الظلمة كأنها تسد باب الضوء . والكلمة صحيحة ، أعني أن العنك الظلمة . وأنشد :


                                                          وفتيان صدق قد بعثت بجهمة     من الليل لولا حب ظمياء عرسوا
                                                          فقاموا كسالى يلمسون وخلفهم     من الليل عنك كالنعامة أقعس


                                                          [ ص: 166 ] ومما يقرب من هذا إن صح شيء ذكره يونس ، قال : عنك اللبن ، إذا خثر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية