الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عنج ) العين والنون والجيم أصل صحيح واحد يدل على جذب شيء بشيء يمتد ، كحبل وما أشبهه . قال الخليل : العناج : سير أو خيط يشد في أسفل الدلو ، ثم يشد في عروتها . وكل شيء له ذلك فهو عناج . فإذا انقطع الحبل أمسك العناج الدلو أن تقع في البئر . قال : [ وكل ] شيء تجذبه إليك فقد عنجته . قال :


                                                          قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا



                                                          وقال آخر :


                                                          وبعض القول ليس له عناج     كسيل الماء ليس له إتاء



                                                          الإتاء : المادة . وجمع العناج عنج ، وثلاثة أعنجة . والرجل يعنج إليه رأس بعيره ، أي يجذبه بخطامه . ويقال : إن العناج إنما يكون في عرى الدلو ، ولا يكون في أسفلها . وأنشد :


                                                          لها عناجان وست آذان     واسعة الفرغ أديمان اثنان



                                                          [ ص: 152 ] قال ابن الأعرابي : عنجت الدلو وأعنجتها . قال أبو زيد : العنج : جذبك رأسها وأنت راكبها . يعني الناقة . قال أبو عبيدة : من أمثالهم في الذي لا يقبل الرياضة : " عود يعلم العنج " . وأما الذي ذكرناه من قوله :


                                                          وبعض القول ليس له عناج



                                                          فقال أبو عمرو بن العلاء : العناج في القول : أن يكون [ له ] حصاة فيتكلم بعلم ونظر ، وإذا لم يكن له عناج خرج منه ما لا يريد صاحبه . ومعنى هذا الكلام ألا يكون لكلامه خطام ولا زمام ، فهو يذهب بحيث لا معنى له . وتقول العرب : عناج أمر فلان ، أي مقاده وملاك أمره . وأما العنجوج فالرائع من الخيل ، والجمع عناجيج . قال الشاعر :


                                                          نحن صبحنا عامرا وعبسا جردا     عناجيج سبقن الشمسا



                                                          فمحتمل أن يكون اسما موضوعا من غير قياس كسائر ما يشذ عن الأصول ، ومحتمل أن يكون سمي بذلك لطوله أو طول عنقه ، فقياس بالحبل الطويل .

                                                          قال أبو عبيدة : العنجوج من الخيل : الطويل العنق ، والأنثى عنجوجة . ومما يؤيد هذا التأويل قولهم : استقام عنجوج القوم ، أي سننهم . فهذا يصحح ذاك; لأن السنن يمتد أيضا .

                                                          ومما حمل على هذا تشبيها قولهم : عناجيج الشباب ، وهي أسبابه . قال ابن أحمر :


                                                          ومضت عناجيج الشباب الأغيد



                                                          ويقولون : رجل معنج ، إذا تعرض في الأمور ، كأنه أبدا يمد بسبب منها فيتعلق به .

                                                          [ ص: 153 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية