( عذب ) العين والذال والباء أصل صحيح ، لكن كلماته لا تكاد تنقاس ، ولا يمكن جمعها إلى شيء واحد . فهو كالذي ذكرناه آنفا في باب العين والذال والراء . وهذا يدل على أن اللغة كلها ليست قياسا ، لكن جلها ومعظمها .
فمن الباب : عذب الماء يعذب عذوبة ، فهو عذب : طيب . وأعذب القوم ، إذا عذب ماؤهم . واستعذبوا ، إذا استقوا وشربوا عذبا .
وباب آخر لا يشبه الذي قبله ، يقال : عذب الحمار يعذب عذبا وعذوبا فهو عاذب [ و ] عذوب : لا يأكل من شدة العطش . ويقال : أعذب عن الشيء ، إذا لها عنه وتركه . وفي الحديث :
أعذبوا عن ذكر النساء . قال :
وتبدلوا اليعبوب بعد إلههم صنما ففروا يا جديل وأعذبوا
ويقال للفرس وغيره عذوب ، إذا بات لا يأكل شيئا ولا يشرب ، لأنه ممتنع من ذلك .
وباب آخر لا يشبه الذي قبله : العذوب : الذي ليس بينه وبين السماء ستر ، وكذلك العاذب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=8572نابغة الجعدي :
[ ص: 260 ] فبات عذوبا للسماء كأنه سهيل إذا ما أفردته الكواكب
فأما قول الآخر :
بتنا عذوبا وبات البق يلسبنا عند النزول قرانا نبح درواس
فممكن أن يكون أراد : ليس بيننا وبين السماء ستر ، وممكن أن يكون من الأول إذا باتوا لا يأكلون ولا يشربون .
وحكى
الخليل : عذبته تعذيبا ، أي فطمته . وهذا من باب الامتناع من المأكل والمشرب .
وباب آخر لا يشبه الذي قبله : العذاب ، يقال منه : عذب تعذيبا . وناس يقولون : أصل العذاب الضرب . واحتجوا بقول
زهير :
وخلفها سائق يحدو إذا خشيت منه العذاب تمد الصلب والعنقا
قال : ثم استعير ذلك في كل شدة .
وباب آخر لا يشبه الذي قبله ، يقال لطرف السوط عذبة ، والجمع عذب . قال :
غضف مهرتة الأشداق ضارية مثل السراحين في أعناقها العذب
والعذبة في قضيب البعير : أسلته . والعذيب : موضع .
( عَذَبَ ) الْعَيْنُ وَالذَّالُ وَالْبَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ ، لَكِنَّ كَلِمَاتِهِ لَا تَكَادُ تَنْقَاسُ ، وَلَا يُمْكِنُ جَمْعُهَا إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ . فَهُوَ كَالَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا فِي بَابِ الْعَيْنِ وَالذَّالِ وَالرَّاءِ . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللُّغَةَ كُلَّهَا لَيْسَتْ قِيَاسًا ، لَكِنْ جُلُّهَا وَمُعْظَمُهَا .
فَمِنَ الْبَابِ : عَذُبَ الْمَاءُ يَعْذُبُ عُذُوبَةً ، فَهُوَ عَذْبٌ : طَيِّبٌ . وَأَعْذَبَ الْقَوْمُ ، إِذَا عَذُبَ مَاؤُهُمْ . وَاسْتَعْذَبُوا ، إِذَا اسْتَقَوْا وَشَرِبُوا عَذْبًا .
وَبَابٌ آخَرُ لَا يُشْبِهُ الَّذِي قَبْلَهُ ، يُقَالُ : عَذَبَ الْحِمَارُ يَعْذِبُ عَذْبًا وَعُذُوبًا فَهُوَ عَاذِبٌ [ وَ ] عَذُوبٌ : لَا يَأْكُلُ مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ . وَيُقَالُ : أَعْذَبَ عَنِ الشَّيْءِ ، إِذَا لَهَا عَنْهُ وَتَرَكَهُ . وَفِي الْحَدِيثِ :
أَعْذِبُوا عَنْ ذِكْرِ النِّسَاءِ . قَالَ :
وَتَبَدَّلُوا الْيَعْبُوبَ بَعْدَ إِلَهِهِمْ صَنَمًا فَفِرُّوا يَا جَدِيلَ وَأَعْذِبُوا
وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ وَغَيْرِهِ عَذُوبٌ ، إِذَا بَاتَ لَا يَأْكُلُ شَيْئًا وَلَا يَشْرَبُ ، لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ مِنْ ذَلِكَ .
وَبَابٌ آخَرُ لَا يُشْبِهُ الَّذِي قَبْلَهُ : الْعَذُوبُ : الَّذِي لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ سِتْرٌ ، وَكَذَلِكَ الْعَاذِبُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8572نَابِغَةُ الْجَعْدِيُّ :
[ ص: 260 ] فَبَاتَ عَذُوبًا لِلسَّمَاءِ كَأَنَّهُ سُهَيْلٌ إِذَا مَا أَفْرَدَتْهُ الْكَوَاكِبُ
فَأَمَّا قَوْلُ الْآخَرِ :
بِتْنَا عُذُوبًا وَبَاتَ الْبَقُّ يَلْسِبُنَا عِنْدَ النُّزُولِ قِرَانَا نَبْحُ دِرْوَاسِ
فَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ : لَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ السَّمَاءِ سِتْرٌ ، وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَوَّلِ إِذَا بَاتُوا لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ .
وَحَكَى
الْخَلِيلُ : عَذَّبْتُهُ تَعْذِيبًا ، أَيْ فَطَمْتُهُ . وَهَذَا مِنْ بَابِ الِامْتِنَاعِ مِنَ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ .
وَبَابٌ آخَرُ لَا يُشْبِهُ الَّذِي قَبْلَهُ : الْعَذَابُ ، يُقَالُ مِنْهُ : عَذَّبَ تَعْذِيبًا . وَنَاسٌ يَقُولُونَ : أَصْلُ الْعَذَابِ الضَّرْبُ . وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ
زُهَيْرٍ :
وَخَلْفَهَا سَائِقٌ يَحْدُو إِذَا خَشِيَتْ مِنْهُ الْعَذَابَ تَمُدُّ الصُّلْبَ وَالْعُنُقَا
قَالَ : ثُمَّ اسْتُعِيرَ ذَلِكَ فِي كُلِّ شِدَّةٍ .
وَبَابٌ آخَرُ لَا يُشْبِهُ الَّذِي قَبْلَهُ ، يُقَالُ لِطَرَفِ السَّوْطِ عَذَبَةٌ ، وَالْجَمْعُ عَذَبٌ . قَالَ :
غُضْفٌ مُهَرَّتَةُ الْأَشْدَاقِ ضَارِيَةٌ مَثَلُ السَّرَاحِينِ فِي أَعْنَاقِهَا الْعَذَبُ
وَالْعَذَبَةُ فِي قَضِيبِ الْبَعِيرِ : أَسَلَتُهُ . وَالْعُذَيْبُ : مَوْضِعٌ .