باب الغين والواو وما يثلثهما
( غوي ) الغين والواو والحرف المعتل بعدهما أصلان : أحدهما يدل على خلاف الرشد وإظلام الأمر ، والآخر على فساد في شيء .
فالأول الغي ، وهو خلاف الرشد ، والجهل بالأمر ، والانهماك في الباطل . يقال غوى يغوي غيا . قال :
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائما
وذلك عندنا مشتق من الغياية ، وهي الغبرة والظلمة تغشيان ، كأن ذا الغي قد غشيه ما لا يرى معه سبيل حق . ويقال : تغايا القوم فوق رأس فلان بالسيوف ، كأنهم أظلوه بها . ويقال : وقع القوم في أغوية ، أي داهية
[ ص: 400 ] وأمر مظلم . والتغاوي : التجمع ، ولا يكون ذلك في سبيل رشد . والمغواة : حفرة الصائد ، والجمع مغويات . وفي الحديث : "
يحبون أن يكونوا مغويات " ، يراد أنهم يحتجنون الأموال ، كالصائد الذي يصيد .
فأما الغاية فهي الراية ، وسميت بذلك لأنها تظل من تحتها . قال :
قد بت سامرها وغاية تاجر وافيت إذ رفعت وعز مدامها
ثم سميت نهاية الشيء غاية . وهذا من المحمول على غيره ، إنما سميت غاية بغاية الحرب ، وهي الراية ، لأنه ينتهى إليها كما يرجع القوم إلى رايتهم في الحرب .
والأصل الآخر : قولهم : غوي الفصيل ، إذا أكثر من شرب اللبن ففسد جوفه . والمصدر الغوى . قال :
معطفة الأثناء ليس فصيلها برازئها درا ولا ميت غوى
بَابُ الْغَيْنِ وَالْوَاوِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا
( غَوِيَ ) الْغَيْنُ وَالْوَاوُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ بَعْدَهُمَا أَصْلَانِ : أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الرُّشْدِ وَإِظْلَامِ الْأَمْرِ ، وَالْآخَرُ عَلَى فَسَادٍ فِي شَيْءٍ .
فَالْأَوَّلُ الْغَيُّ ، وَهُوَ خِلَافُ الرُّشْدِ ، وَالْجَهْلُ بِالْأَمْرِ ، وَالِانْهِمَاكُ فِي الْبَاطِلِ . يُقَالُ غَوَى يَغْوِي غَيًّا . قَالَ :
فَمَنْ يَلْقَ خَيْرًا يَحْمَدُ النَّاسُ أَمْرَهُ وَمَنْ يَغْوَ لَا يَعْدَمْ عَلَى الْغَيِّ لَائِمَا
وَذَلِكَ عِنْدَنَا مُشْتَقٌّ مِنَ الْغَيَايَةِ ، وَهِيَ الْغُبْرَةُ وَالظُّلْمَةُ تَغْشَيَانِ ، كَأَنَّ ذَا الْغَيِّ قَدْ غَشِيَهُ مَا لَا يَرَى مَعَهُ سَبِيلَ حَقٍّ . وَيُقَالُ : تَغَايَا الْقَوْمُ فَوْقَ رَأْسِ فُلَانٍ بِالسُّيُوفِ ، كَأَنَّهُمْ أَظَلُّوهُ بِهَا . وَيُقَالُ : وَقَعَ الْقَوْمُ فِي أَغْوِيَّةٍ ، أَيْ دَاهِيَةٍ
[ ص: 400 ] وَأَمْرٍ مُظْلِمٍ . وَالتَّغَاوِي : التَّجَمُّعُ ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ رُشْدٍ . وَالْمُغَوَّاةُ : حُفْرَةُ الصَّائِدِ ، وَالْجَمْعُ مُغَوَّيَاتٌ . وَفِي الْحَدِيثِ : "
يُحِبُّونَ أَنْ يَكُونُوا مُغَوَّيَاتٍ " ، يُرَادُ أَنَّهُمْ يَحْتَجِنُونَ الْأَمْوَالَ ، كَالصَّائِدِ الَّذِي يَصِيدُ .
فَأَمَّا الْغَايَةُ فَهِيَ الرَّايَةُ ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُظِلُّ مَنْ تَحْتَهَا . قَالَ :
قَدْ بِتُّ سَامِرَهَا وَغَايَةِ تَاجِرٍ وَافَيْتُ إِذْ رُفِعَتْ وَعَزَّ مُدَامُهَا
ثُمَّ سُمِّيَتْ نِهَايَةُ الشَّيْءِ غَايَةً . وَهَذَا مِنَ الْمَحْمُولِ عَلَى غَيْرِهِ ، إِنِّمَا سُمِّيَتْ غَايَةً بِغَايَةِ الْحَرْبِ ، وَهِيَ الرَّايَةُ ، لِأَنَّهُ يُنْتَهَى إِلَيْهَا كَمَا يَرْجِعُ الْقَوْمُ إِلَى رَايَتِهِمْ فِي الْحَرْبِ .
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ : قَوْلُهُمْ : غَوِيَ الْفَصِيلُ ، إِذَا أَكْثَرَ مِنْ شُرْبِ اللَّبَنِ فَفَسَدَ جَوْفُهُ . وَالْمَصْدَرُ الْغَوَى . قَالَ :
مُعَطَّفَةُ الْأَثْنَاءِ لَيْسَ فَصِيلُهَا بِرَازِئِهَا دَرًّا وَلَا مَيِّتٍ غَوَى