الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عرس ) العين والراء والسين أصل واحد صحيح تعود فروعه إليه ، وهو الملازمة . قال الخليل : عرس به ، إذا لزمه . فمن فروع هذا الأصل العرس : امرأة الرجل ، ولبؤة الأسد . قال امرؤ القيس :


                                                          كذبت لقد أصبي على المرء عرسه وأمنع عرسي أن يزن بها الخالي



                                                          ويقال إنه يقال للرجل وامرأته عرسان ; واحتجوا بقول علقمة :

                                                          [ ص: 262 ]

                                                          أدحي عرسين فيه البيض مركوم



                                                          ورجل عروس في رجال عرس ، وامرأة عروس في نسوة عرائس وعرس . وأنشد :


                                                          جرت بها الهوج أذيالا مظاهرة     كما تجر ثياب الفوة العرس



                                                          وزعم الخليل أن العروس نعت للرجل والمرأة على فعول وقد استويا فيه ، ما داما في تعريسهما أياما إذا عرس أحدهما بالآخر . وأحسن [ من ] ذلك أن يقال للرجل معرس ، أي اتخذ عروسا . والعرب تؤنث العرس . قال الراجز :


                                                          إنا وجدنا عرس الحناط     مذمومة لئيمة الحواط



                                                          وقال في المعرس :


                                                          يمشي إذا أخذ الوليد برأسه     مشيا كما يمشي الهجين المعرس

                                                          قال أبو عمرو بن العلاء . يقال : أعرس الرجل بأهله ، إذا بنى بها ، يعرس إعراسا ، وعرس يعرس تعريسا . وربما اتسعوا فقالوا للغشيان : تعريس وإعراس . ويقال : تعرس الرجل لامرأته ، أي تحبب إليها . قال يونس : وهو ما يدل على القياس الذي قسناه . [ و ] عرس الصبي بأمه يعرس ، تقديره علم يعلم ، وذلك إذا أولع بها ولزمها . وكذلك عرس الرجل بصاحبه . قال المعقر :

                                                          [ ص: 263 ]

                                                          وقد عرس الإناخة والنزولا



                                                          وذكر الخليل : عرس يعرس عرسا ، إذا بطر ، ويقال : بل أعيا ونكل . وهذا إنما يصح إذا حمل على القياس الذي ذكرناه ، وذلك أن يعرس عن الشيء بالشيء . قال الأصمعي : عرست الكلاب عن الثور ، أي بطرت عنه . وهذا على ما ذكرناه كأنها شغلت بغيره وعرست .

                                                          قال يعقوب : العرس من الرجال : الذي لا يبرح القتال ، مثل الحلس . وقال غيره : رجل عرس مرس . ومن الباب العريس : مأوى الأسد في خيس من الشجر والغياض ، في أشدها التفافا . فأما قول جرير :


                                                          مستحصد أجمي فيهم وعريسي



                                                          فإنه يعني منبت أصله في قومه . ويقال عريس وعريسة . وتقول العرب في أمثالها :


                                                          كمبتغي الصيد في عريسة الأسد



                                                          ومن الباب التعريس : نزول القوم في سفر من آخر الليل ، يقعون وقعة ثم [ ص: 264 ] يرتحلون . قلنا في هذا : وإن خف نزولهم فهو محمول على القياس الذي ذكرناه ، لأنهم لا بد [ لهم ] من المقام . قال زهير :


                                                          وعرسوا ساعة في كثب أسنمة     ومنهم بالقسوميات معترك

                                                          وقال ذو الرمة :


                                                          معرسا في بياض الصبح وقعته     وسائر السير إلا ذاك منجذب



                                                          ومن الباب : عرست البعير أعرسه عرسا ، وهو أن تشد عنقه مع يديه وهو بارك . وهذا يرجع إلى ما قلناه .

                                                          ومما يقرب من هذا الباب المعرس : الذي عمل له عرس ، وهو الحائط يجعل بين حائطي البيت ، لا يبلغ به أقصاه ، ثم يوضع الجائز من طرف العرس الداخل إلى أقصى البيت ، ويسقف البيت كله .

                                                          ومن أمثالهم : " لا مخبأ لعطر بعد عروس " ، وأصله أن رجلا تزوج امرأة فلما بنى بها وجدها تفلة ، فقال لها : أين الطيب ؟ فقالت : خبأته ! فقال : لا مخبأ لعطر بعد عروس .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية