الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ومن الأوهام :

                                                                          - الربيع بن زياد بن أنس بن الديان ، وهو يزيد بن قطن بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب الحارثي ، أبو عبد الرحمن البصري ، كناه خليفة بن خياط ، ويقال : كنيته أبو فراس .

                                                                          [ ص: 79 ] قال الحاكم أبو أحمد : ولا أبعد أن تكون تكنيته بأبي فراس خطأ .

                                                                          روى عن : أبي بن كعب ، وكعب الأحبار .

                                                                          روى عنه : قتادة مرسلا ، ومطرف بن عبد الله بن الشخير ، وأبو مجلز لاحق بن حميد ، وحفصة بنت سيرين .

                                                                          وكان عاملا لمعاوية على خراسان ، وكان الحسن بن أبي الحسن البصري كاتبه ، فلما بلغه مقتل حجر بن عدي وأصحابه قال : اللهم إن كان للربيع عندك خير فاقبضه إليك وعجل ، فزعموا أنه لم يبرح من مجلسه حتى مات . وقيل : إن قتل حجر وأصحابه كان سنة إحدى وخمسين .

                                                                          روى له أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .

                                                                          هكذا قال ، وهكذا سماه صاحب " الأطراف " في حديث أبي داود ، والنسائي وقد وهما جميعا فإنه لم يخرج له أحد منهم ، أما أبو داود والنسائي فإنما أخرجا حديث أبي نضرة عن أبي فراس غير مسمى ولا منسوب ، عن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم أقص من نفسه ، والربيع بن زياد الحارثي رجل معروف مشهور باسمه ونسبه دون كنيته ، ولهذا وقع الخلاف في كنيته ، ولو كان هذا الحديث عنه لذكر باسمه المشهور ونسبه المعروف أو جمع بين اسمه وكنيته الصحيحة ، فأما أن يعدل عن المشهور المتفق عليه إلى المجهول المختلف فيه فهذا ليس من شأن أهل العلم ، وإنما يفعل مثل هذا بعض [ ص: 80 ] أهل التدليس في شيخ ضعيف الحديث أو نازل الإسناد ، ونحو ذلك ، فأما في مثل هذا الرجل مع شهرته وثقته وجلالته فلا يفعل ذلك لا أهل التدليس ولا غيرهم ، فبان بما ذكرنا أن أبا فراس الذي روى حديثه أبو داود ، والنسائي ليس بالربيع بن زياد الحارثي هذا ، وإنما هو أبو فراس النهدي ، هكذا نسبه هشيم في هذا الحديث على ما حكاه عنه البخاري ، وهو رجل آخر لا يعرف اسمه ولا يعرف له غير هذا الحديث ، وسيأتي ذكره في موضعه من الكنى مع زيادة بيان إن شاء الله .

                                                                          وأما ابن ماجه فإنما أخرج لأبي فراس مولى عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص حديث : " صام نوح الدهر إلا يوم الفطر ، ويوم الأضحى " من رواية جعفر بن ربيعة عنه ، واسم أبي فراس هذا يزيد بن رباح ، وقد أخرج له حديثا آخر عن عبد الله بن عمرو أيضا : " إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم " من رواية بكر بن سوادة عنه ، وأخرجه مسلم أيضا بهذا الإسناد ، لكنه ذكر في هذا الحديث باسمه دون كنيته ، وفي الحديث الأول بكنيته دون اسمه .

                                                                          وأما أبو فراس الذي روى عن عمر بن الخطاب ، وروى عنه أبو نضرة فليس له ذكر عند ابن ماجه أصلا ، وكذلك الربيع بن زياد ليس له عنده ذكر أصلا ، والله أعلم .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية