الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          2044 - (م ت ق) : زياد بن أبي زياد ، واسمه ميسرة ، المخزومي المدني مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي .

                                                                          قدم دمشق وكان له بها دار عند القلانسيين وله بقية وعقب بدمشق .

                                                                          روى عن : أنس بن مالك ، ومولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ، وأبي بحرية عبد الله بن قيس التراغمي (ت ق) ، وعراك بن مالك (م) ، وعمر بن عبد العزيز ، ومحمد بن كعب القرظي (تم) ، ونافع بن جبير بن مطعم .

                                                                          روى عنه : أسامة بن زيد الليثي ، وإسماعيل بن أبي خالد ، [ ص: 466 ] وأبو هاشم إسماعيل بن كثير ، وبكر بن أبي الفرات ويقال : داود بن بكر بن أبي الفرات ، وسالم أبو النضر ، وصفوان بن سليم ، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند (ت ق) ، وعبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري والد يعقوب بن عبد الرحمن ، وعمر بن محمد بن زيد العمري ، وعمرو بن يحيى بن عمارة ، ومالك بن أنس ، ومحمد بن إسحاق بن يسار (تم) ، ومعاوية بن أبي مزرد ، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومي ، وموسى بن عقبة ، ويزيد بن عبد الله بن الهاد (م) .

                                                                          ذكره محمد بن سعد في الطبقة الثانية من أهل المدينة .

                                                                          وقال النسائي : ثقة .

                                                                          وذكره ابن حبان في كتاب " الثقات " وقال : كان عابدا زاهدا .

                                                                          وقال البخاري : قال الأويسي ، عن مالك : كان عمر بن عبد العزيز يكرم زيادا وكان عبدا فدخل يوما وذلك حين يقول الشاعر :


                                                                          يا أيها القارئ المرخي عمامته هذا زمانك إني قد خلا زمني



                                                                          وقال عبد الله بن وهب ، عن يعقوب بن عبد الرحمن : قال : أراه [ ص: 467 ] عن أبيه قال : أذن عمر بن عبد العزيز لزياد بن أبي زياد والأمويون هناك ينتظرون الدخول عليه .

                                                                          قال هشام : أما رضي ابن عبد العزيز أن يصنع ما يصنع حتى أذن لعبد ابن عياش يتخطى رقابنا . فقال الفرزدق : من هذا ؟ قالوا : رجل من أهل المدينة من القراء عبد مملوك ، فقال الفرزدق :


                                                                          يا أيها القاضي المقضي حاجته     هذا زمانك إني قد خلا زمني



                                                                          وقال محمد بن سعد ، عن إسماعيل بن أبي أويس ، قال مالك : كان زياد مولى ابن عياش رجلا عابدا معتزلا لا يزال يكون وحده يدعو الله ، وكانت فيه لكنة ، وكان يلبس الصوف ، ولا يأكل اللحم ، وكانت له دريهمات يعالج له فيها .

                                                                          قال : وقال غير إسماعيل : وكان صديقا لعمر بن عبد العزيز ، وقدم عليه وهو خليفة فوعظه ، وقربه عمر ، وخلا به ، وكان بينهما كلام كثير .

                                                                          وقال يحيى بن صالح الوحاظي ، عن النضر بن عربي : بينا عمر بن عبد العزيز يتغدى إذ بصر بزياد مولى ابن عياش فأمر حرسيا أن يكون معه ، فلما خرج الناس وبقي زياد قام إليه عمر حتى جلس إليه ، [ ص: 468 ] ثم قال يا فاطمة ، هذا زياد مولى ابن عياش فاخرجي إليه فسلمي عليه . ثم قال : يا فاطمة ، هذا زياد مولى ابن عياش عليه جبة صوف ، وعمر قد ولي أمر الأمة فجاشت نفسه حتى قام إلى البيت فقضى عبرته ثم خرج ففعل ذلك ثلاث مرات . فقالت فاطمة : يا زياد : هذا أمرنا وأمره ما فرحنا به ولا قرت أعيننا مذ ولي .

                                                                          وقال ابن وهب ، عن مالك : كان زياد مولى ابن عياش يمر بي وأنا جالس ، فربما أفزعني حسه من خلفي ، فيضع يده بين كتفي ، فيقول لي : عليك بالجد ، فإن كان ما يقول أصحابك هؤلاء من الرخص حقا لم يضرك ، وإن كان الأمر على غير ذلك كنت قد أخذت بالحذر .

                                                                          يريد ما يقول ربيعة ، وزيد بن أسلم .

                                                                          قال مالك : وكان زياد قد أعانه الناس على فكاك رقبته وأسرع إليه في ذلك ففضل بعد الذي قوطع عليه مال كثير ، فرده زياد إلى من أعانه بالحصص وكتبهم زياد عنده ، فلم يزل يدعو لهم حتى مات .

                                                                          روى له مسلم ، والترمذي ، وابن ماجه .

                                                                          أخبرنا أحمد بن أبي الخير ، قال : أنبأنا أبو الحسن الجمال ، قال : أخبرنا أبو علي الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى ، وإبراهيم بن عبد الله ، قالا : حدثنا محمد بن إسحاق السراج ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا بكر بن مضر ، عن ابن الهاد أن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش حدثه عن عراك بن مالك ، قال : سمعته يحدث عمر بن عبد العزيز ، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات ، فأعطت كل واحدة منهما تمرة ، ورفعت إلى فيها تمرة [ ص: 469 ] لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها ، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما . قالت : فأعجبني شأنها فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : " إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار " .

                                                                          رواه مسلم ، عن قتيبة ، فوافقناه فيه بعلو .

                                                                          أخبرنا أبو الفرج ابن قدامة ، وأبو الغنائم بن علان ، وأحمد بن شيبان ، قالوا : أخبرنا حنبل بن عبد الله ، قال : أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، قال : أخبرنا أبو علي ابن المذهب ، قال : أخبرنا أبو بكر بن مالك ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : حدثني مولى ابن عياش ، عن أبي بحرية .

                                                                          (ح) قال : وحدثني أبي ، قال : حدثنا مكي ، قال : حدثنا عبد الله بن سعيد ، عن زياد بن أبي زياد ، عن أبي بحرية ، عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أنبئكم بخير أعمالكم ؟ " قال مكي : " وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم " . قالوا : وذلك ما هو يا رسول الله ؟ قال : " ذكر الله عز وجل " . رواه الترمذي ، عن الحسين بن حريث ، عن الفضل بن موسى .

                                                                          ورواه ابن ماجه ، عن يعقوب بن حميد بن كاسب ، عن [ ص: 470 ] المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي ، جميعا : عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، فوقع لنا عاليا .

                                                                          وأخبرنا أبو إسحاق ابن الدرجي ، قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني ، وغير واحد ، قالوا : أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله ، قالت : أخبرنا أبو بكر ابن ريذه ، قال : أخبرنا أبو القاسم الطبراني ، قال : حدثنا الحسن بن علي المعمري ، قال : حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن زياد بن أبي زياد ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن عمرو بن العاص ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بوجهه وحديثه على شر القوم يتألفه بذلك ، وكان يقبل بوجهه وحديثه علي حتى ظننت أني خير القوم ، فقلت : يا رسول الله ، أنا خير أم أبو بكر ؟ فقال : أبو بكر . قلت : يا رسول الله ، أنا خير أم عمر ؟ قال : عمر . قلت : يا رسول الله أنا خير أم عثمان ؟ قال : عثمان . فلما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقني فوددت أني لم أكن سألته " .

                                                                          رواه الترمذي في " الشمائل " ، عن إسحاق بن موسى ، فوافقناه فيه بعلو .

                                                                          فهذا جميع ما لزياد ابن أبي زياد عندهم .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية