الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          7533 - ( قد فق) : أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن العريان ، واسمه عمرو بن عبد الله بن الحصين بن الحارث بن جلهم ، ويقال جلهمة بن خزاعي ، ويقال : جلهم بن حجر بن خزاعي بن مالك بن مازن بن عمرو بن تميم بن مر التميمي المازني البصري المقرئ ، أحد الأئمة القراء السبعة ، اختلف في اسمه ، فقيل : [ ص: 121 ] زبان ، وقيل : العريان ، وقيل : يحيى ، وقيل : جزء ، وقيل : اسمه كنيته .

                                                                          وقال أبو عبد الله بن منده : أمه عائشة بنت عبد الرحمن بن ربيعة بن بكر من بني حنيفة .

                                                                          قرأ القرآن على : حميد بن قيس الأعرج المكي ، وسعيد بن جبير ، وعبد الله بن كثير ، وعكرمة مولى ابن عباس ، ومجاهد بن جبر المكي ، ويحيى بن يعمر .

                                                                          وقرأ عليه : أحمد بن موسى اللؤلؤي ، وحسين بن علي الجعفي ، وحماد بن زيد ، وخارجة بن مصعب ، وداود بن يزيد الأودي ، وأبو سعيد بن أوس الأنصاري ، وسهل بن يوسف ، وأبو نعيم شجاع بن أبي نصر البلخي ، العباس بن الفضل الأنصاري قاضي الموصل ، وأبو بحر عبد الرحمن بن عثمان البكراوي ، وعبيد الله بن موسى ، وعبد الملك بن قريب الأصمعي ، وعبد الوارث بن سعيد ، وعبد الوهاب بن عطاء ، وعبيد بن عقيل الهلالي ، وعلي بن نصر الجهضمي الكبير ، ومحبوب بن الحسن ، ومعاذ بن معاذ ، وهارون الأعور ، ويحيى بن المبارك اليزيدي ، ويونس بن حبيب النحوي .

                                                                          وروى عن : أنس بن مالك ، وإياس بن جعفر البصري ، وبديل بن ميسرة العقيلي ، وجعفر بن زيد العبدي ، وجعفر بن محمد الصادق ، والحسن البصري ، وداود بن أبي هند ، وذكوان أبي [ ص: 122 ] صالح الزيات ، وذي الرمة الشاعر واسمه غيلان بن عقبة ، والذيال بن حرملة ، ورؤبة بن العجاج الراجز ، وصخر بن جويرية وهو من أقرانه ، وعطاء بن أبي رباح ، وأبيه العلاء بن عمار ، وفرقد السبخي ، مجاهد ، ومحمد بن سيرين ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، وأبي الزبير محمد بن مسلم المكي ، ومغيرة بن مقسم الضبي ، ونافع مولى ابن عمر ، ونهشل بن سعيد الخراساني ، وهشام بن عروة ، والوليد بن السمط ، ويعلى بن حكيم ، ويونس بن عبيد ، وأبي رجاء العطاردي .

                                                                          وروى عنه : إسحاق بن مرار ، وأبو عمرو الشيباني النحوي ، والحسين بن واقد المروزي ، وأبو أسامة حماد بن أسامة ، وحماد بن زيد ( قد ) ، وأبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري ، وسلام بن سليمان بن سوار المدائني ، وعمه شبابة بن سوار المدائني ، وأبو نعيم شجاع بن أبي نصر البلخي ، وشراحيل بن عبيد الله السعدي ، وشريك بن عبد الله النخعي ، وشعبة بن الحجاج ، وشعيب بن إسحاق الدمشقي ، وعبد العزيز بن الحصين بن الترجمان ، وعبد الملك بن قريب الأصمعي ، وعبد الوارث بن سعيد ، وعبيد بن عقيل الهلالي ( قد ) ، وعفان بن سيار الجرجاني ، وعيسى بن يونس ، وأخوه معاذ بن العلاء ، ومعتمر بن سليمان ، ومعمر بن راشد ، وأبو عبيدة معمر بن المثنى ، وأبو فيد مؤرج بن عمرو السدوسي ، وهارون بن موسى النحوي الأعور ( قد فق ) ، ووكيع بن الجراح ، ويحيى بن حفص الأسدي الرازي المقرئ النحوي ، وأبو محمد يحيى بن المبارك اليزيدي ، ويعلى بن عبيد الطنافسي ، [ ص: 123 ] ويونس بن حبيب النحوي ، وأبو بحر البكراوي .

                                                                          قال أبو بكر بن مجاهد المقرئ : أخبرني أبو عبد الله بن شارك ، أحسبه عن أبي محمد القصاص ، قال : كان ولد العلاء بن عمار أربعة نفر ، فمنهم : أبو سفيان واسمه شقيق بن العلاء ، ومعاذ بن العلاء ، وأبو حفص عمر بن العلاء ، وأبو عمرو زيان بن العلاء وكان آخرهم موتا أبو عمرو بن العلاء .

                                                                          وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : أبو عمرو بن العلاء ثقة ، وأبو سفيان بن العلاء ، ومعاذ بن العلاء هؤلاء إخوة أبي عمرو بن العلاء .

                                                                          وقال أبو حاتم الرازي : كان لأبي عمرو بن العلاء أخ يقال له أبو سفيان ، سئل يحيى بن معين عنهما فقال : ليس بهما بأس .

                                                                          وقال أبو خيثمة زهير بن حرب : كان أبو عمرو بن العلاء رجلا لا بأس به، ولكنه لم يحفظ .

                                                                          وقال شجاع بن أبي نصر ، عن أبي عمرو بن العلاء : رآني سعيد بن جبير وأنا جالس مع الشباب ، فقال : ما يجلسك مع الشباب، عليك بالشيوخ .

                                                                          وقال نصر بن علي الجهضمي، عن الأصمعي : سمعت [ ص: 124 ] أبا عمرو بن العلاء يقول : كنت رأسا والحسن حي .

                                                                          وقال عبد الرحمن بن أخي الأصمعي ، عن عمه : قال أبو عمرو : نظرت في هذا العلم قبل أن أختن . قال : وهو حينئذ ابن أربع وثمانين .

                                                                          وقال ثعلب : سمعت أبا عمرو الشيباني ، يقول : ما رأينا مثل أبي عمرو بن العلاء رحمة الله عليه .

                                                                          وقال أبو العيناء محمد بن القاسم ، عن أبي عبيدة معمر بن المثنى : كان أبو عمرو بن العلاء أعلم الناس بالقرآن والعربية والعرب وأيامها ، والشعر ، وأيام الناس ، وكان ينزل خلف دار جعفر بن سليمان الهاشمي ، وكانت دفاتره ملء بيت إلى السقف ، ثم تنسك ، فأحرقها ، وقال فيه الفرزدق :

                                                                          ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها * حتى أتيت أبا عمرو بن عمار

                                                                          وقال أبو العيناء ، عن الأصمعي : قال لي أبو عمرو بن العلاء : لو تهيأ لي أن أفرغ ما في صدري من العلم في صدرك لفعلته . قال : وقال : لقد حفظت في علم القرآن أشياء لو كتبت ما قدر الأعمش على حملها . قال : وسمعت أبا عمرو يقول : لولا أن ليس لي أن أقرأ إلا بما قد قرئ لقرأت حرف كذا وكذا ، وذكر حروفا .

                                                                          [ ص: 125 ] وقال أبو بكر بن مجاهد : كان أبو عمرو مقدما في عصره ، عالما بالقراءة ووجوهها ، قدوة في العلم باللغة ، إمام الناس في العربية ، وكان مع علمه باللغة وفقهه في العربية متمسكا بالآثار لا يكاد يخالف في اختياره ما جاء عن الأئمة قبله ، متواضعا في علمه . قرأ على أهل الحجاز ، وسلك في القراءة طريقهم ، ولم تزل العلماء في زمانه تعرف له تقدمه وتقر له بفضله ، وتأتم في القراءة بمذاهبه . وكان حسن الاختيار ، سهل القراءة ، غير متكلف ، يؤثر التخفيف ما وجد إليه السبيل . وكان في عصره بالبصرة جماعة من أهل العلم بالقراءة لم يبلغوه منهم : عبد الله بن أبي إسحاق ، وعاصم بن أبي صباح الجحدري أبو المجشر ، وعيسى بن عمر الثقفي ، وكل هؤلاء أهل فصاحة أيضا ، ولم يحفظ عنهم في القراءة ما حفظ عن أبي عمرو . وإلى قراءة أبي عمرو صار أهل البصرة أو أكثرهم .

                                                                          وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : حدثنا شجاع بن أبي نصر ، وكان صدوقا مأمونا قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فعرضت عليه أشياء من قراءة أبي عمرو ، فما رد علي إلا حرفين .

                                                                          وقال نصر بن علي الجهضمي ، عن أبيه : قال لي شعبة : انظر ما يقرأ به أبو عمرو ما يختاره لنفسه ، فاكتبه ، فإنه سيصير للناس أستاذا .

                                                                          وقال أبو مزاحم الخاقاني ، عن إبراهيم الحربي : كان أهل البصرة يعني أهل العربية منهم أصحاب الهوى إلا أربعة ، فإنهم كانوا أصحاب سنة : أبو عمرو بن العلاء ، والخليل بن أحمد ، [ ص: 126 ] ويونس بن حبيب، والأصمعي .

                                                                          وقال أبو بكر الصولي : حدثنا الحزنبل ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبي محمد اليزيدي ، عن أبيه . قال الصولي : وحدثنا أبو خليفة الفضل بن حباب ، عن محمد بن سلام ، عن محمد بن حفص ، قالا : تكلم عمرو بن عبيد في الوعيد سنة ، فقال أبو عمرو : إنك لألكن الفهم ، إذ صيرت الوعيد في أعظم شيء مثله في أصغر شيء ، فاعلم أن النهي عن الصغير والكبير ليسا سواء ، وإنما نهى الله عنهما ليتم حجته على خلقه ، ولئلا يعدل عن أمره وطاعته ، ووراء وعيده عفوه ووسيع كرمه ، وأنشد أبو عمرو :

                                                                          لا يرهب ابن العم ما عشت صولتي * ولا أختشي من صوله المتهدد

                                                                          وإني وإن أوعدته ووعدته * لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

                                                                          فقال له عمرو : صدقت ، إن العرب تمتدح بالوفاء بالوعد دون الوعيد ، وقد تمتدح بالوفاء بهما ، ألم تسمع قول الشاعر :

                                                                          إن أبا خالد لمجتمع الرأي * شريف الأفعال والبيت

                                                                          لا يخلف الوعد والوعيد ولا * يبيت من ثأره على فوت

                                                                          قال عمرو : " قد وافق هذا قول الله عز وجل : ( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ) الآية ( 5 ) . [ ص: 127 ] فقال أبو عمرو : قد وافق الأول أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والحديث يفسر القرآن .

                                                                          وقال هارون بن موسى ( قد فق ) ، عن عمرو ، عن الحسن ، وعن أبي عمرو : ( فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ) قال أبو عمرو : إنما يهلك في الموت ويهلك في الصلب .

                                                                          وقال حماد بن زيد ( قد ) : سألت أبا عمرو بن العلاء عن القدر ، فقال : ثلاث آيات في القرآن ( لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ) ، ( فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ) ، ( فمن شاء ذكره وما يذكرون إلا أن يشاء الله ) .

                                                                          وقال عبيد بن عقيل ( قد ) في قراءة أبي عمرو : وما يشعركم أنها مكسورة إذا جاءت : لا يؤمنون .

                                                                          وقال عبد الرحمن بن أخي الأصمعي ، عن عمه : أنشدنا أبو عمرو بن العلاء ، قال : سمعت أعرابيا ينشد ، وقد كنت خرجت إلى ظاهر البصرة متفرجا مما نالني من طلب الحجاج لي واستخفائي منه : [ ص: 128 ]

                                                                          صبر النفس عند كل ملم * إن في الصبر حيلة المحتال

                                                                          لا تضيقن في الأمور فقد يكـ * شف لأواؤها بغير احتيال

                                                                          ربما تجزع النفوس له من الأمـ * ر فرجة كحل العقال

                                                                          قد تصاب الجبال في آخر الصفـ * ف وينجو مقارع الأبطال

                                                                          فقلت : ما وراءك يا أعرابي ؟ قال : مات الحجاج . فلم أدر بأيهما أفرح بموت الحجاج أو بقوله " فرجة " ، لأني كنت أطلب شاهدا لاختياري القراءة في سورة البقرة ( إلا من اغترف غرفة ) .

                                                                          وقال أيضا ، عن عمه : قال لي أبو عمرو بن العلاء : يا عبد الملك كن من الكريم على حذر إذا أهنته ، ومن اللئيم إذا أكرمته ، ومن العاقل إذا أحرجته ، ومن الأحمق إذا مازحته ، ومن الفاجر إذا عاشرته ، وليس من الأدب أن تجيب من لا يسألك ، أو تسل من لا يجبك ، أو تحدث من لا ينصت لك .

                                                                          وقال محمد بن يونس الكديمي ، عن الأصمعي : مرض أبو عمرو بن العلاء مرضة ، فأتى أصحابه إلا رجلا منهم ، ثم جاءه بعد ذلك ، فقال : إني أريد أن أسامرك الليلة . فقال : أنت معافى وأنا مبتلى ، والعافية لا تدعك تسهر ، والبلاء لا يدعني أنام ، والله أسأل أن يسوق إلى أهل العافية الشكر ، وإلى أهل البلاء الأجر .

                                                                          وقال محمد بن إبراهيم بن الحسن ، عن الأصمعي : حدثنا أبو عمرو بن العلاء ، قال : قيل لرجل طال عمره : أتحب الموت ؟ قال : لا . قيل : ولم وقد ذهب عنك شهوة النساء والطعام . قال : [ ص: 129 ] أحب أن أسمع الأعاجيب .

                                                                          وقال محمد بن تميم النهشلي ، عن الأصمعي : قال أبو عمرو بن العلاء : كنت في ضيعتي ، فاشتد علي الحر فبينا أنا أدور فيها نصف النهار إذ سمعت قائلا يقول :


                                                                          وإن امرأ دنياه أكبر همه لمستمسك منها بحبل غرور



                                                                          قال : فنقشته على خاتمي . فكان نقش خاتمه .

                                                                          وقال زكريا بن يحيى المنقري ، عن الأصمعي : كان على خاتم أبي عمرو بن العلاء :


                                                                          وإن امرأ دنياه أكبر همه     لمستمسك منها بحبل غرور



                                                                          وقال أبو عوانة الإسفراييني ، عن أحمد بن عبد الرحمن ، عن الأصمعي ، عن أبي عمرو بن العلاء : ما تشاتم رجلان قط إلا غلب المهمل .

                                                                          وقال أبو العيناء ، عن الأصمعي ، عن أبي عمرو بن العلاء : من عرف فضل من فوقه عرف له من ذويه ، ومن جحد جحد .

                                                                          قال محمد بن صالح ابن النطاح ، عن أبي عبيدة معمر بن المثنى : خرج أبو عمرو بن العلاء إلى دمشق إلى عبد الوهاب بن إبراهيم يجتديه ، ثم رجع فمات بالكوفة . قال أبو عبيدة : فحدثني يونس أن أبا عمرو كان يغشى عليه ويفيق ، فأفاق من غشية له فإذا ابنه بشر يبكي ، فقال : ما يبكيك وقد أتت علي أربع وثمانون سنة .

                                                                          [ ص: 130 ] وقال أبو بكر بن مجاهد : حدثونا عن الأصمعي ، قال : توفي أبو عمرو وهو ابن ست وثمانين .

                                                                          وحكى أبو سليمان بن زبر ، عن ابن قتيبة : أن أبا عمرو بن العلاء مات سنة أربع وخمسين ومائة ، وهو مسافر في طريق الشام .

                                                                          وقال خليفة بن خياط : سنة سبع وخمسين ومائة فيها مات أبو عمرو وأبو سفيان ابنا العلاء .

                                                                          روى له أبو داود في " القدر " ، وابن ماجه في " التفسير " .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية