الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          7550 - ( ق) : أبو عنبة الخولاني ، مختلف في صحبته . قيل : اسمه عبد الله بن عنبة ، وقيل : عمارة . كان يسكن حمص ، وكان ممن أدرك الجاهلية ، وأسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : إنه صلى القبلتين ، وصحب معاذ بن جبل ، وكان أعمى .

                                                                          روى عن : النبي صلى الله عليه وسلم ( ق ) ، وعن عمر بن الخطاب ، وشهد خطبته بالجابية .

                                                                          [ ص: 150 ] روى عنه : بكر بن زرعة الخولاني ( ق ) ، وأبو الزاهرية حدير بن كريب ( ق ) ، وشرحبيل بن شفعة الشامي ، وطليق بن سمير ، ويقال : ابن عمير ، الرعيني الحمصي ، وعبد الله بن أبي قيس النصري ، ولقمان بن عامر ، ومحمد بن زياد الألهاني ، ومربح بن مسروق الخولاني ، وأبو عبد الله الجسري .

                                                                          ذكره خليفة بن خياط ، ومحمد بن سعد ، وأبو القاسم البغوي وغير واحد في الصحابة .

                                                                          وقال عبد الصمد بن سعيد القاضي في تسمية من نزل حمص من الصحابة : أبو عنبة الخولاني ممن أكل الدم في الجاهلية ومنزله بحمص معروف في سوق جرجس بالقرب من مسجد الكلفيين ، وقد صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلتين كلتيهما ، أخبرني يزيد بن عبد الصمد الدمشقي ، يعني بذلك .

                                                                          وقال الحاكم أبو أحمد : أبو عنبة الخولاني ، يقال : كان ممن صلى القبلتين ، وسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقال : أسلم والنبي صلى الله عليه وسلم حي .

                                                                          وذكره أبو الحسن بن سميع في الطبقة الأولى من التابعين .

                                                                          وقال أحمد بن محمد بن عيسى صاحب " تاريخ الحمصيين " في تسمية أصحاب أبي عبيدة ومعاذ والذين حضروا خطبة عمر بالجابية ، فمنهم : أبو عنبة الخولاني ، أدرك الجاهلية وعاش إلى [ ص: 151 ] خلافة عبد الملك ، وأكل الدم في الجاهلية ، وكان من أصحاب معاذ ممن أسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي ، وكان أعمى .

                                                                          وقال المفضل بن غسان الغلابي ، عن يحيى بن معين في حديث أبي عنبة الخولاني : إنه ممن صلى القبلتين . قال أهل الشام : إنه من كبار التابعين ، وأنكروا أن له صحبة ، وأنه مددي من أهل اليمن ، أمدوا بهم في اليرموك .

                                                                          وقال أبو حاتم الرازي : هو في الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام .

                                                                          وقال أبو زرعة الدمشقي في الطبقة التي تلي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي العليا : أبو عنبة الخولاني ، وأبو فالح الأنماري جاهليان صحبا معاذا ، وأسلم أبو عنبة ورسول صلى الله عليه وسلم حي ، أخبرني بذلك حيوة ، عن بقية ، عن محمد بن زياد الألهاني .

                                                                          وقال بكر بن زرعة الخولاني ، عن لقمان بن عامر ، عن أبي عنبة الخولاني : رب كلمة خير من إعطاء .

                                                                          قال : وقال أبو مطيع الأطرابلسي عن محمد بن زياد ، عن أبي عنبة الخولاني ، إن لله آنية في أرضه ، وآنيته في أرضه قلوب عباده الصالحين فأحبها إليه أرحمها وألينها .

                                                                          وقال إسماعيل بن عياش : حدثني محمد بن زياد عن أبي عنبة الخولاني أنه كان يوما في مجلس خولان في المسجد جالسا ، فخرج عبد الله بن عبد الوهاب هاربا من الطاعون ، فسأل عنه ، [ ص: 152 ] فقالوا : خرج يزحزح هاربا من الطاعون ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ما كنت أرى أن أبقى حتى أسمع بمثل هذا ، أفلا أخبركم عن خلال كان عليها إخوانكم : أولها لقاء الله كان أحب إليهم من الشهد ، والثاني : لم يكونوا يخافون عدوا قلوا أو كثروا ، والثالثة : لم يكونوا يخافون عوزا من الدنيا ، كانوا واثقين بالله أن يرزقهم ، والرابعة : إن نزل بهم الطاعون لم يتزحزحوا حتى يقضي الله فيهم ما قضى .

                                                                          قال خليفة بن خياط في الطبقة الثالثة من أهل الشامات : أبو عنبة ، مات سنة ثماني عشرة ومائة .

                                                                          وقد ذكرنا قول صاحب " تاريخ الحمصيين " أنه عاش إلى خلافة عبد الملك ، وهو أشبه بالصواب مما قاله خليفة ، والله أعلم .

                                                                          روى له ابن ماجه حديثين في أحدهما التصريح بأنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو عندنا بعلو .

                                                                          أخبرنا به أبو إسحاق ابن الدرجي ، قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني ، قال : أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي ، قال : أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه ، قال : أخبرنا أبو القاسم الطبراني ، قال : حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقي ، قال : حدثنا هشام بن عمار ، قال : حدثنا الجراح بن مليح ، قال : حدثنا بكر بن زرعة ، قال : سمعت أبا عنبة الخولاني ، وكان ممن صلى القبلتين مع [ ص: 153 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكل الدم في الجاهلية ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يزال الله يغرس في هذا الدين بغرس يستعملهم بطاعته " .

                                                                          رواه عن هشام بن عمار ، فوافقناه فيه بعلو ، وقد كتبناه في ترجمة بكر بن زرعة من وجه آخر .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية