الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 132 ] باب حديث الميضأة وما ظهر في ذلك من آثار النبوة ودلالات الصدق قد مضى في ذلك حديث سليمان بن المغيرة ، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي قتادة ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح

                                        وأخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل، ببغداد ، قال: أنبأنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري الرزاز، حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا حماد بن سلمة ، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي قتادة، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال: " إن لا تدركوا الماء تعطشوا فانطلق سرعان الناس يريد الماء، ولزمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة فمالت برسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته فنعس رسول الله صلى الله عليه وسلم فمال، فدعمته فادعم ومال، فدعمته فادعم، ثم مال، فدعمته فادعم ثم مال حتى كاد أن ينجفل عن راحلته فدعمته فانتبه، فقال: "من الرجل؟" فقلت: أبو قتادة ، فقال: "حفظك الله بما حفظت به رسول الله" ، ثم قال: "لو عرسنا" فمال إلى شجرة فنزل، فقال: "انظر هل ترى أحدا؟" فقلت: هذا راكب، هذا راكب، حتى بلغ سبعة، فقال: "احفظوا علينا صلاتنا" .

                                        قال: فنمنا فما أيقظنا إلا حر الشمس، فانتبهنا فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار وسرنا هنيهة، ثم نزل فقال: "أمعكم ماء؟" ، فقلت: نعم ميضأة فيها شيء من ماء، قال: "فأتني بها" فأتيته بها، فقال: "مسوا منها" فتوضأ القوم وبقي في الميضأة جرعة، فقال: "ازدهر بها يا أبا قتادة فإنه سيكون لها شأن" ثم أذن بلال فصلى [ ص: 133 ] الركعتين قبل الفجر، ثم صلى الفجر، ثم ركب وركبنا فقال بعض لبعض: فرطنا في صلاتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تقولون إن كان أمر دنياكم فشأنكم، وإن كان أمر دينكم فإلي" ، قلنا: يا رسول الله فرطنا في صلاتنا، قال: "لا تفريط في النوم، إنما التفريط في اليقظة، فإذا كان ذلك فصلوها من الغد لوقتها" ، ثم قال: "ظنوا بالقوم" ، فقلنا: إنك قلت بالأمس إن لا تدركوا الماء غدا تعطشوا، فأتى الناس الماء، فقال: أصبح الناس وقد فقدوا نبيهم، فقال بعض القوم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالماء وفي القوم أبو بكر وعمر، قالا: أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن ليسبقكم إلى الماء ويخلفكم، وإن يطع الناس أبا بكر وعمر يرشدوا قالها ثلاثا، فلما اشتدت الظهيرة رفع لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، أهلكنا، عطشنا، انقطعت الأعناق.

                                        قال: "لا هلك عليكم اليوم" ثم قال: "يا أبا قتادة ائتني بالميضأة" ، فأتيته بها، فقال: " حل لي غمري يعني قدحه، فحللته فأتيته به، فجعل يصب فيه ويسقي الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أحسنوا الملأ، فكلكم سيصدر عن ري، فشرب القوم حتى لم يبق غيري ورسول الله صلى الله عليه وسلم فصب لي، فقال: "اشرب يا أبا قتادة " ، قلت: اشرب أنت يا رسول الله، فقال: "إن ساقي القوم آخرهم شربا" ، فشربت ثم شرب بعدي، وبقي من الميضأة نحو مما كان فيها وهم يومئذ ثلاثمائة، قال عبد الله: فسمعني عمران بن حصين وأنا أحدث هذا الحديث في المسجد فقال: "من الرجل؟" فقلت: أنا عبد الله بن رباح الأنصاري ، فقال: القوم أعلم بحديثهم، انظر كيف تحدث فإني أحد السبعة تلك الليلة، فلما فرغت قال: ما كنت أحب أن أحدا يحفظ هذا الحديث غيري
                                        [ ص: 134 ] .

                                        قال حماد: وحدثنا حميد بن بكر بن عبد الله، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد فيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عرس وعليه ليل توسد يمينه، وإذا عرس قرب الصبح وضع رأسه على كفه اليمنى وأقام ساعده.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية