الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 269 ] باب رجوعهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم في عقوبة الزاني، وما ظهر من ذلك من كتمانهم ما أنزل الله تعالى في التوراة من حكمه، وصفة نبيه عليه السلام

                                        أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، حدثنا محمد بن شاذان الجوهري، حدثنا محمد بن مقاتل المروزي، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا معمر، عن الزهري، قال: كنت جالسا عند سعيد بن المسيب وعند سعيد رجل وهو يوقره فإذا هو رجل من مزينة، وكان أبوه شهد الحديبية ، وكان من أصحاب أبي هريرة ، قال: قال أبو هريرة: كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء نفر من يهود وقد زنا رجل منهم وامرأة، فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبي، فإنه نبي بعث بالتخفيف، فإن أفتانا حدا دون الرجم فعلناه واحتججنا عند الله حين نلقاه بتصديق نبي من أنبيائك - قال مرة عن الزهري - وإن أمرنا بالرجم عصيناه فقد عصينا الله فيما كتب علينا من الرجم في التوراة.

                                        فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم، ماترى في رجل منا زنا بعدما أحصن؟ فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرجع إليهم شيئا وقام معه رجلان من المسلمين حتى بيت مدراس اليهود فوجدهم يتدارسون التوراة، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر اليهود، أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة من العقوبة على من زنا [ ص: 270 ] إذا أحصن؟" ، قالوا: نجبه.

                                        والتجبيه أن تحملوا اثنين على حمار فيولوا ظهر أحدهما ظهر الآخر.

                                        قال: فسكت حبرهم وهو فتى شاب، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا ألاظ النشدة، فقال حبرهم: أما إذا نشدتهم فإنا نجد في التوراة الرجم على من أحصن قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فما أول من ترخصتم أمر الله؟" ، فقال: زنا رجل منا ذو قرابة بملك من ملوكنا فأخر عنه الرجم فزنا بعده آخر في أسرة من الناس فأراد ذلك الملك أن يرجمه فقام قومه دونه فقالوا: لا والله لا ترجمه حتى يرجم فلان ابن عمه فاصطلحوا بينهم على هذه العقوبة.

                                        فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإني أحكم بما في التوراة" ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما فرجما قال الزهري: وبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا
                                        .

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية