الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 461 ] باب ما جاء في إخباره ببقاء عبد الله بن سلام على الإسلام حتى يموت وأنه لا ينال الشهادة فكان كما أخبر.

                                        توفي على الإسلام في أول أيام معاوية بن أبي سفيان سنة ثلاث وأربعين.

                                        أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ، ببغداد , أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، أخبرنا سعدان بن نصر ، حدثنا إسماعيل بن يوسف الأزرق، عن عبد الله بن عون ، عن محمد بن سيرين، عن قيس بن عباد، قال: كنت في مسجد المدينة فجاء رجل بوجهه أثر من خشوع فقال القوم: هذا رجل من أصحاب الجنة، قال: فدخل المسجد فصلى ركعتين فأوجز فيهما قال: فلما خرج اتبعته حتى دخل منزله فدخلت معه فحدثته , فلما استأنس قلت له: إن القوم لما دخلت المسجد قالوا كذا وكذا , فقال: سبحان الله، ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلمه , وسأحدثك، إني رأيت رؤيا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه، رأيت كأني في روضة خضراء.

                                        قال ابن عون : فذكر من خضرتها وسعتها , وسطها عمود حديد، أسفله في الأرض وأعلاه في السماء، في أعلاه عروة، فقيل لي: اصعد عليه , فقلت: لا أستطيع.

                                        قال: فخرج منصف.

                                        قال ابن عون : المنصف الوصيف.

                                        قال: فرفع ثيابي من خلفي , فقال لي: اصعد عليه.

                                        قال فصعدت حتى أخذت في العروة.

                                        فقال: استمسك بالعروة , فاستيقظت وإنها لفي يدي.

                                        قال فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصتها.

                                        فقال: "أما الروضة فروضة [ ص: 462 ] الإسلام , وأما العمود فعمود الإسلام , وأما العروة فهي العروة الوثقى.

                                        أنت على الإسلام حتى تموت"
                                        .

                                        قال: وهو عبد الله بن سلام رضي الله عنه.

                                        أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث ابن عون , وفي حديث خرشة بن الحر، عن عبد الله بن سلام في هذه القصة، قال: فأتي بي حتى أتي بي جبلا , فقال لي: اصعد , فجعلت إذا أردت أن أصعد خررت على استي حتى فعلت ذلك مرارا، وإن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين ذكر له رؤياه: "وأما الحبل فهو منزل الشهداء، ولن تناله" وهو فيما أخبرناه أبوعبد الله الحافظ، أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم ، حدثنا أحمد بن سلمة ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا جرير، عن الأعمش ، عن سليمان بن مسهر، عن خرشة بن الحر في حديث طويل ذكره , رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم , وفيه معجزة أخرى حيث أخبر بأنه لا ينال الشهادة , ثم مات بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينلها.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية