الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 130 ] باب ما ظهر في مزادتي المرأة ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من الزيادة وآثار النبوة قد مضى بعض طرق هذا الحديث في آخر غزوة خيبر .

                                        وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، إملاء سنة ثلاث وثلاثين، أنبأنا محمد بن أيوب ، حدثنا أبو الوليد، حدثنا سلم بن زرير، قال: سمعت أبا رجاء، يقول: حدثنا عمران بن حصين : أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير، فأدلجوا ليلتهم حتى إذا كان في وجه الصبح عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فغلبتهم أعينهم حتى ارتفعت الشمس، فكان أول من استيقظ من منامه أبو بكر، وكان لا يوقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من منامه أحد حتى يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستيقظ عمر فقعد عند رأسه فجعل يكبر ويرفع صوته حتى يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما استيقظ والشمس قد بزغت فقال: "ارتحلوا" ، فسار بنا حتى ابيضت الشمس فنزل فصلى بنا، فاعتزل رجل من القوم فلم يصل معنا، فلما انصرف، قال: "يا فلان، ما منعك أن تصلي معنا؟" قال: يا رسول الله، أصابتني جنابة، فأمره أن يتيمم بالصعيد ثم صلى، وعجلني رسول الله في ركوب بين يديه أطلب الماء، وكنا قد عطشنا شديدا فبينما نحن نسير إذا نحن بامرأة سادلة رجليها بين مزادتين قلنا لها: أين [ ص: 131 ] الماء؟ قالت: إيهاه، إيهاه، لا ماء، فقلنا: كم بين أهلك وبين الماء؟ قالت: يوم وليلة، فقلنا: انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ما رسول الله؟ فلم نملكها من أمرها شيئا حتى استقبلنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثته بمثل الذي حدثتنا غير أنها حدثته أنها موتمة فأمر بمزادتيها فمج في العزلاوين العلياوين، فشربنا عطاشا أربعين رجلا حتى روينا، وملأنا كل قربة معنا وإداوة، وغسلنا صاحبنا غير أنا لم نسق بعيرا وهي تكاد تنضرج من الماء، ثم قال لنا: "هاتوا ما عندكم" ، فجمعنا لها من الكسر والتمر حتى صر لها صرة، فقال: " اذهبي فأطعمي هذا عيالك واعلمي أنا لم نرزأ من مائك شيئا فلما أتت أهلها، قالت: لقد لقيت أسحر الناس أو هو نبي كما زعموا فهدى الله عز وجل لذلك الصرم بتلك المرأة فأسلمت وأسلموا.

                                        رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد، وأخرجه مسلم في وجه آخر عن سلم بن زرير.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية