الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 329 ] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، في آخرين، قالوا: أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا الحسن بن علي بن عفان ، حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا زهير بن معاوية ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم" .

                                        شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه.


                                        قال يحيى: يريد من هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر القفيز والدرهم قبل أن يضعه عمر على الأرض رواه مسلم في الصحيح، عن عبيد بن يعيش، عن يحيى بن آدم وقال أبو عبيد الهروي رحمه الله في هذا الحديث قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما لم يكن.

                                        وهو في علم الله عز وجل كائن فخرج لفظه على لفظ [ ص: 330 ] الماضي، لأنه ماض في علم الله عز وجل وفي إعلامه بهذا قبل وقوعه ما دل على إثبات نبوته ودل على رضاه من عمر رضي الله عنه ما وظفه على الكفرة من الجزى في الأمصار وفي تفسير المنع وجهان: أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أنهم سيسلمون وسيسقط عنهم ما وظف عليهم، والدليل على ذلك قوله في الحديث: "وعدتم من حيث بدأتم" ؛ لأنه بدأهم في علم الله، وفيما قدر، وفيما قضى أنهم سيسلمون فعادوا من حيث بدؤوا ، وقيل في قوله: "منعت العراق درهمها" : إنهم يرجعون عن الطاعة وهذا وجه، والأول أحسن.

                                        قال الشيخ رضي الله عنه: وتفسيره فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن زياد العدل، حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، حدثنا محمد بن بشار وأبو موسى قالا: حدثنا عبد الوهاب، أخبرنا سعيد قال بندار بن إياس الجريري: وقالا: عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله ، قال: " يوشك أهل العراق لا يجبى إليهم درهم ولا قفيز.

                                        قالوا: مما ذاك يا أبا عبد الله؟ قال: من العجم.

                                        وقال بندار: من قبل العجم، وقالا: يمنعون ذاك، ثم سكت هنيهة، وقال: هنية.

                                        وقالا: ثم قال: يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مدي قال: مما ذاك؟ قال: من قبل الروم يمنعون ذاك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكون في أمتي خليفة يحثي المال حثيا لا [ ص: 331 ] يعده عدا" ، ثم قال: "والذي نفسي بيده، ليعودن الأمر كما بدأ ليعودن كل إيمان إلى المدينة كما بدأ بها حتى يكون كل إيمان بالمدينة " ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يخرج رجل من المدينة " ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يخرج رجل من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله خيرا منه، وليسمعن ناس برخص من أسعار ورزق فيتبعونه والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون"
                                        .

                                        رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح، عن أبي موسى .

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية