الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني بالكوفة ، حدثنا جعفر بن عنبسة، حدثنا عبادة بن زياد الأزدي، عن سعيد بن خثيم الهلالي .

                                        (ح) [ ص: 141 ] وأخبرنا أبو بكر أحمد بن الحارث الفقيه الأصبهاني، أنبأنا أبو محمد بن حيان أبو الشيخ الأصبهاني، حدثنا عبد الرحمن بن الحسن ، حدثنا أحمد بن رشيد بن خثيم الهلالي ، حدثنا أبو معمر سعيد بن خثيم عمي، عن مسلم الملائي، عن أنس بن مالك ، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، لقد أتيناك وما لنا بعير ييط ولا صبي يصيح، وأنشده:


                                        أتيناك والعذراء يدمى لبانها وقد شغلت أم الصبي عن الطفل     وألقى بكفيه الصبي استكانة
                                        من الجوع ضعفا ما يمر ولا يخلي     ولا شيء مما يأكل الناس عندنا
                                        سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل     وليس لنا إلا إليك فرارنا
                                        وأين فرار الناس إلا إلى الرسل

                                        فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى صعد المنبر ثم رفع يديه إلى السماء، فقال: اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا غدقا، طبقا عاجلا غير رائث، نافعا غير ضار تملأ به الضرع، وتنبت به الزرع، وتحيي به الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون"، فوالله ما رد يديه إلى نحره حتى ألقت السماء بأبراقها، وجاء أهل البطانة يعنجون: يا رسول الله، الغرق الغرق، فرفع يديه إلى السماء ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا"، فانجاب السحاب عن المدينة حتى أحدق بها كالإكليل، فضحك رسول الله صل الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال: "لله در أبي طالب لو كان حيا قرتا عيناه، من ينشدنا قوله؟" فقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله كأنك أردت:


                                        وأبيض يستسقى الغمام بوجهه     ثمال اليتامى عصمة للأرامل
                                        يلوذ به الهلال من آل هاشم     فهم عنده في نعمة وفواضل
                                        كذبتم وبيت الله يبزى محمد     ولما نقاتل دونه ونناضل
                                        ونسلمه حتى نصرع حوله     ونذهل عن أبنائنا والحلائل:

                                        [ ص: 142 ] قال وقام رجل من كنانة، وقال:


                                        لك الحمد والحمد ممن شكر     سقينا بوجه النبي المطر
                                        دعا الله خالقه دعوة     إليه وأشخص منه البصر
                                        فلم يك إلا كإلقاء الرداء     أو اسرع حتى رأينا الدرر
                                        رقاق العوالي جم البعاق     أغاث به الله عينا مضر
                                        وكان كما قال عمه     أبو طالب أبيض ذو غرر
                                        به الله يسقي الغمام     وهذا العيان لذاك الخبر
                                        ومن يشكر الله يلقى المزيد     ومن يكفر الله يلقى الغير

                                        فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن يك شاعر يحسن فقد أحسنت"
                                        وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال: حدثني أبو أحمد محمد بن أحمد بن شعيب العدل، حدثنا أبو عمرو محمد بن عبد الرحمن بن صالح التمار بالبصرة، حدثنا أحمد بن رشيد بن خثيم الكوفي الهلالي الخزاز، حدثنا عمي سعيد بن خثيم، عن مسلم الملائي، عن أنس بن مالك ، قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ أتاه أعرابي، فقال: أتيناك، فذكره زاد فيه فحمد الله وأثنى عليه ثم رفع يديه إلى السماء وزاد في الدعاء سريعا.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية