الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو محمد أحمد بن إسحاق بن شيبان بن البغدادي الهروي، أخبرنا معاذ بن نجدة، حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا عبد الوهاب، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر ، قال: كنت جالسا عند نبي الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجلان أحدهما أنصاري والآخر ثقفي فابتدر المسألة للأنصاري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أخا ثقيف، إن الأنصاري قد سبقك بالمسألة" ، فقال الأنصاري يا رسول الله، فإني أبدأ به فقال: "سل عن حاجتك وإن شئت أنبأناك بالذي جئت تسأل عنه" قال: فذاك أعجب إلي يا رسول الله، قال: "فإنك جئت تسأل عن صلاتك بالليل وعن ركوعك وعن سجودك وعن صيامك وعن غسلك من الجنابة" ، فقال: والذي بعثك بالحق إن ذلك الذي جئت أسألك عنه.

                                        قال: "أما صلاتك بالليل فصل أول الليل وآخر الليل ونم وسطه" ، قال: أفرأيت يا رسول الله إن صليت وسطه؟ قال: "فأنت إذا إذا" ، قال: " وأما ركوعك فإذا أردت فاجعل كفيك على ركبتيك وافرج بين أصابعك ثم ارفع رأسك فانتصب قائما حتى يرجع كل عظم إلى مكانه، فإذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض ولا تنقر، وأما صيامك فصم الليالي البيض يوم ثلاثة عشر ويوم أربعة عشر ويوم خمسة عشر، ثم أقبل إلى الأنصاري فقال: "يا أخا الأنصار، سل عن حاجتك، وإن شئت أنبأناك بالذي جئت تسأل عنه" ، قال: فذاك أعجب إلي يا رسول الله، قال: " فإنك جئت تسأل عن خروجك من بيتك تؤم البيت العتيق، وتقول: ماذا لي [ ص: 294 ] فيه؟ وعن وقوفك بعرفات، وتقول: ماذا لي فيه؟ وعن حلقك رأسك وتقول: ماذا لي فيه وعن طوافك بالبيت وتقول: ماذا لي فيه، وعن رميك الجمار، وتقول: ماذا لي فيه؟ "، قال: إي والذي بعثك بالحق، إن هذا الذي جئت أسأل عنه قال: " أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، قال: فإن لك بكل موطأة تطأها راحلتك أن تكتب لك حسنة وتمحى عنك سيئة، وإذا وقفت بعرفات فإن الله ينزل إلى السماء الدنيا، فيقول للملائكة: "هؤلاء عبادي جاؤوني شعثا غبرا من كل فج عميق يرجون رحمتي ويخافون عذابي وهم لم يروني، فكيف لو رأوني" فلو كان عليك مثل رمل عالج ذنوبا أو قطر السماء أو عدد أيام الدنيا غسلها عنك، وأما رميك الجمار فإن ذلك مدخور لك عند ربك، فإذا حلقت رأسك فإن لك بكل شعرة تسقط من رأسك أن تكتب لك حسنة وتمحى عنك سيئة، فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك ليس عليك منها شيء "
                                        وله شاهد بإسناد حسن.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية